للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا رسولا (١).

وقال قتادة: قالت قريش لمحمد : إن بيننا وبينك قرابة فأسر إلينا متى الساعة؟ فقال الله ﷿ ﴿يَسْئَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْها﴾ (٢) وكذا روي عن مجاهد وعكرمة وأبي مالك والسدي، وهذا قول، والصحيح عن مجاهد من رواية ابن أبي نجيح وغيره ﴿يَسْئَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْها﴾ قال: استحفيت عنها السؤال حتى علمت وقتها، وكذا قال الضحاك عن ابن عباس ﴿يَسْئَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْها﴾ يقول: كأنك عالم بها لست تعلمها ﴿قُلْ إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ اللهِ﴾.

وقال معمر عن بعضهم: ﴿كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْها﴾ كأنك عالم بها (٣). وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم ﴿كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْها﴾ كأنك بها عالم وقد أخفى الله علمها على خلقه، وقرأ ﴿إِنَّ اللهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السّاعَةِ﴾ [لقمان: ٣٤] الآية، وهذا القول أرجح في المقام من الأول، والله أعلم، ولهذا قال ﴿قُلْ إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ اللهِ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النّاسِ لا يَعْلَمُونَ﴾. ولهذا لما جاء جبريل في صورة أعرابي ليعلم الناس أمر دينهم، فجلس من رسول الله مجلس السائل المسترشد، وسأله عن الإسلام، ثم عن الإيمان، ثم عن الإحسان، ثم قال: فمتى الساعة؟ قال له رسول الله «ما المسؤول عنها بأعلم من السائل» أي لست أعلم بها منك ولا أحد بها من أحد، ثم قرأ النبي ﴿إِنَّ اللهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السّاعَةِ﴾ [لقمان: ٣٤] الآية.

وفي رواية فسأله عن أشراط الساعة، فبين له أشراط الساعة، ثم قال «في خمس لا يعلمهن إلا الله» وقرأ هذه الآية، وفي هذا كله يقول له بعد كل جواب: صدقت، ولهذا عجب الصحابة من هذا السائل يسأله ويصدقه، ثم لما انصرف قال رسول الله «هذا جبريل أتاكم يعلمكم دينكم» وفي رواية قال «وما أتاني في صورة إلا عرفته فيها إلا صورته هذه» (٤) وقد ذكرت هذا الحديث بطرقه وألفاظه من الصحاح والحسان والمسانيد في أول شرح البخاري، ولله الحمد والمنة.

ولما سأله ذلك الأعرابي وناداه بصوت جهوري فقال: يا محمد، قال له رسول الله «هاؤم» على نحو من صوته، قال: يا محمد متى الساعة؟ فقال له رسول الله «ويحك إن الساعة آتية فما أعددت لها» قال ما أعددت لها كبير صلاة ولا صيام، ولكنني أحب الله


(١) انظر تفسير الطبري ٦/ ١٣٩.
(٢) تفسير الطبري ٦/ ١٣٩.
(٣) تفسير الطبري ٦/ ١٣٩.
(٤) أخرجه البخاري في الإيمان باب ٣٧، وتفسير سورة ٣١، باب ٢، ومسلم في الإيمان حديث ١، ٥، ٧، وأبو داود في السنة باب ١٦، والترمذي في الإيمان باب ٤، والنسائي في الإيمان باب ٥، ٦، وابن ماجة في المقدمة باب ٩، والفتن باب ٢٥، وأحمد في المسند ٢/ ٤٢٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>