للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال آخرون عنى بذلك المشركين، حدثنا يونس أنبأنا ابن وهب قال قال ابن زيد في قوله تعالى: ﴿يُجادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَ ما تَبَيَّنَ كَأَنَّما يُساقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنْظُرُونَ﴾ قال هؤلاء المشركون جادلوه في الحق كأنما يساقون إلى الموت حين يدعون إلى الإسلام وهم ينظرون. قال وليس هذا من صفة الآخرين، هذه صفة مبتدأة لأهل الكفر.

ثم قال ابن جرير: ولا معنى لما قاله، لأن الذي قبل قوله ﴿يُجادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ﴾ خبر عن أهل الإيمان والذي يتلوه خبر عنهم. والصواب قول ابن عباس وابن إسحاق: أنه خبر عن المؤمنين، وهذا الذي نصره ابن جرير هو الحق وهو الذي يدل عليه سياق الكلام، والله أعلم.

وقال الإمام أحمد (١) : حدثنا يحيى بن بكير وعبد الرزاق قالا: حدثنا إسرائيل عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس قال: قيل لرسول الله حين فرغ من بدر:

عليك بالعير ليس دونها شيء، فناداه العباس بن عبد المطلب، قال عبد الرزاق وهو أسير في وثاقه إنه لا يصلح لك، قال ولم؟ قال لأن الله ﷿ إنما وعدك إحدى الطائفتين، وقد أعطاك الله ما وعدك إسناد جيد ولم يخرجه.

ومعنى قوله تعالى: ﴿وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ﴾ أي يحبون أن الطائفة التي لا حد لها ولا منعة ولا قتال تكون لهم وهي العير، ﴿وَيُرِيدُ اللهُ أَنْ يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِماتِهِ﴾ أي هو يريد أي يجمع بينكم وبين الطائفة التي لها الشوكة والقتال ليظفركم بهم وينصركم عليهم، ويظهر دينه ويرفع كلمة الإسلام ويجعله غالبا على الأديان، وهو أعلم بعواقب الأمور، وهو الذي يدبركم بحسن تدبيره، وإن كان العباد يحبون خلاف ذلك فيما يظهر لهم كقوله تعالى: ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ﴾ [البقرة: ٢١٦].

وقال محمد بن إسحاق : حدثني محمد بن مسلم الزهري، وعاصم بن عمر بن قتادة وعبد الله بن أبي بكر ويزيد بن رومان، عن عروة بن الزبير وغيرهم من علمائنا عن عبد الله بن عباس، كل قد حدثني بعض هذا الحديث فاجتمع حديثهم فيما سقت من حديث بدر قالوا لما سمع رسول الله بأبي سفيان مقبلا من الشام ندب المسلمين إليهم، وقال هذه عير قريش فيها أموالهم، فاخرجوا إليها لعل الله أي ينفلكموها فانتدب الناس فخف بعضهم وثقل بعضهم، وذلك أنهم لم يظنوا أن رسول الله يلقى حربا.

وكان أبو سفيان قد استنفر حين دنا من الحجاز يتجسس الأخبار، ويسأل من لقي من


(١) المسند ١/ ٢٢٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>