للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلي (١)، ورواه مسلم والترمذي من حديث يونس عن الزهري به.

ومنهم من يعطى ليحسن إسلامه ويثبت قلبه، كما أعطى يوم حنين أيضا جماعة من صناديد الطلقاء وأشرافهم مائة من الإبل، وقال «إني لأعطي الرجل وغيره أحب إلي منه خشية أن يكبه الله على وجهه في نار جهنم» (٢). وفي الصحيحين عن أبي سعيد أن عليا بعث إلى النبي بذهبية في تربتها من اليمن، فقسمها بين أربعة نفر: الأقرع بن حابس، وعيينة بن بدر، وعلقمة بن علاثة، وزيد الخير، وقال «أتألفهم» (٣) ومنهم من يعطى لما يرجى من إسلام نظرائه، ومنهم من يعطى ليجبي الصدقات ممن يليه، أو ليدفع عن حوزة المسلمين الضرر من أطراف البلاد، ومحل تفصيل هذا في كتب الفروع، والله أعلم.

وهل تعطى المؤلفة على الإسلام بعد النبي ؟ فيه خلاف، فروي عن عمر وعامر والشعبي وجماعة: أنهم لا يعطون بعده لأن الله قد أعز الإسلام وأهله ومكن لهم في البلاد، وأذل لهم رقاب العباد، وقال آخرون: بل يعطون لأنه قد أعطاهم بعد فتح مكة وكسر هوازن، وهذا أمر قد يحتاج إليه فيصرف إليهم. وأما الرقاب فروي عن الحسن البصري ومقاتل بن حيان وعمر بن عبد العزيز وسعيد بن جبير والنخعي والزهري وابن زيد أنهم المكاتبون، وروي عن أبي موسى الأشعري نحوه، وهو قول الشافعي والليث .

وقال ابن عباس والحسن: لا بأس أن تعتق الرقبة من الزكاة، وهو مذهب أحمد ومالك وإسحاق، أي أن الرقاب أعم من أن يعطي المكاتب أو يشتري رقبة فيعتقها استقلالا، وقد ورد في ثواب الإعتاق وفك الرقبة أحاديث كثيرة، وأن الله يعتق بكل عضو منها عضوا من معتقها حتى الفرج بالفرج، وما ذاك إلا لأن الجزاء من جنس العمل ﴿وَما تُجْزَوْنَ إِلاّ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ وعن أبي هريرة ، أن النبي قال: «ثلاثة حق على الله عونهم: الغازي في سبيل الله، والمكاتب الذي يريد الأداء، والناكح الذي يريد العفاف» (٤) رواه الإمام أحمد وأهل السنن إلا أبا داود.

وفي المسند عن البراء بن عازب قال: جاء رجل فقال: يا رسول الله دلني على عمل يقربني من الجنة ويباعدني من النار؟ فقال: «أعتق النسمة وفك الرقبة» فقال: يا رسول الله أوليسا


(١) أخرجه مسلم في الفضائل حديث ٥٩، والترمذي في الزكاة باب ٣٠، وأحمد في المسند ٣/ ٤٠١، ٤٠٨، ٦/ ٤٦٥.
(٢) أخرجه البخاري في الزكاة باب ٥٣، ومسلم في الزكاة حديث ١٣١.
(٣) أخرجه البخاري في الأنبياء باب ٦، ومسلم في الزكاة حديث ١٣٢، ١٣٣، ١٤٣ ..
(٤) أخرجه الترمذي في فضائل الجهاد باب ٢٠، والنسائي في النكاح باب ٥، وابن ماجة في العتق باب ٣، وأحمد في المسند ٢/ ٢٥١، ٤٣٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>