للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واحدا؟ قال: «لا، عتق النسمة أن تفرد بعتقها، وفك الرقبة أن تعين في ثمنها» (١).

وأما الغارمون فهم أقسام فمنهم: من تحمل حمالة أو ضمن دينا فلزمه فأجحف بماله أو غرم في أداء دينه أو في معصية ثم تاب فهؤلاء يدفع إليهم، والأصل في هذا الباب حديث قبيصة بن مخارق الهلالي قال: تحملت حمالة فأتيت رسول الله أسأله فيها، فقال «أقم حتى تأتينا الصدقة فنأمر لك بها» قال: ثم قال: «يا قبيصة إن المسألة لا تحل إلا لأحد ثلاثة:

رجل تحمل حمالة فحلت له المسألة حتى يصيبها ثم يمسك، ورجل أصابته جائحة (٢) اجتاحت ماله فحلت له المسألة حتى يصيب قواما من عيش (٣) -أو قال سدادا من عيش (٤) -ورجل أصابته فاقة حتى يقوم ثلاثة من ذوي الحجا من قرابة قومه فيقولون لقد أصابت فلانا فاقة (٥) فحلت له المسألة حتى يصيب قواما من عيش-أو قال سدادا من عيش-فما سواهن من المسألة سحت (٦) يأكلها صاحبها سحتا» رواه مسلم (٧).

وعن أبي سعيد قال: أصيب رجل في عهد رسول الله في ثمار ابتاعها فكثر دينه، فقال النبي : «تصدقوا عليه» فتصدق الناس عليه فلم يبلغ ذلك وفاء دينه، فقال النبي لغرمائه: «خذوا ما وجدتم وليس لكم إلا ذلك» رواه مسلم (٨).

وقال الإمام أحمد (٩): حدثنا عبد الصمد، أنبأنا صدقة بن موسى عن أبي عمران الجوني عن قيس بن يزيد عن قاضي المصرين (١٠) عن عبد الرحمن بن أبي بكر قال: قال رسول الله : «يدعو الله بصاحب الدين يوم القيامة حتى يوقف بين يديه فيقول: يا ابن آدم فيم أخذت هذا الدين وفيم ضيعت حقوق الناس؟ فيقول: يا رب إنك تعلم أني أخذته فلم آكل ولم أشرب ولم أضيع ولكن أتى على يدي إما حرق وإما سرق وإما وضيعة. فيقول الله صدق عبدي أنا أحق من قضى عنك اليوم، فيدعو الله بشيء فيضعه في كفة ميزانه فترجح حسناته على سيئاته، فيدخل الجنة بفضل الله ورحمته» وأما في سبيل الله فمنهم الغزاة الذين لا حق لهم في الديوان، وعند الإمام أحمد والحسن وإسحاق والحج من سبيل الله الحديث.


(١) أخرجه أحمد في المسند ٤/ ٢٩٩.
(٢) الجائحة: كل مصيبة عظيمة، والآفة التي تهلك الثمار والأموال.
(٣) قوام من عيش: أي يجد ما تقوم به حاجته.
(٤) سداد من عيش: ما يسد به حاجته.
(٥) أي: حتى يقوموا على رؤوس الأشهاد قائلين: إن فلانا أصابته فاقة. وذوو الحجا: أي ذوو العقل.
(٦) السحت: الحرام.
(٧) كتاب الزكاة ١٠٩.
(٨) كتاب المساقاة حديث ١٩.
(٩) المسند ١/ ١٩٧، ١٩٨.
(١٠) قاضي المصرين: هو شريج. والمصران هما البصرة والكوفة.

<<  <  ج: ص:  >  >>