للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والأرض فإنه لم يغض ما في يمينه وكان عرشه على الماء، وبيده الميزان يخفض ويرفع» (١).

وقال الإمام أحمد (٢): حدثنا يزيد بن هارون أخبرنا حماد بن سلمة عن يعلى بن عطاء عن وكيع بن عدس عن عمه أبي رزين واسمه لقيط بن عامر بن المنتفق العقيلي قال: قلت: يا رسول الله أين كان ربنا قبل أن يخلق خلقه قال: «كان في عماء ما تحته هواء وما فوقه هواء، ثم خلق العرش بعد ذلك» (٣) وقد رواه الترمذي في التفسير وابن ماجة في السنن من حديث يزيد بن هارون به وقال الترمذي: هذا حديث حسن.

وقال مجاهد ﴿وَكانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ﴾ قبل أن يخلق شيئا، وكذا قال وهب بن منبه وضمرة وقتادة وابن جرير وغير واحد، وقال قتادة في قوله ﴿وَكانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ﴾ ينبئكم كيف كان بدء خلقه قبل أن يخلق السموات والأرض، وقال الربيع بن أنس ﴿وَكانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ﴾ فلما خلق السموات والأرض قسم ذلك الماء قسمين فجعل نصفا تحت العرش وهو البحر المسجور.

وقال ابن عباس: إنما سمي العرش عرشا لارتفاعه، وقال إسماعيل بن أبي خالد سمعت سعدا الطائي يقول: العرش ياقوتة حمراء، وقال محمد بن إسحاق في قوله تعالى: ﴿وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيّامٍ وَكانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ﴾ فكان كما وصف نفسه تعالى إذ ليس إلا الماء وعليه العرش وعلى العرش ذو الجلال والإكرام، والعزة والسلطان، والملك والقدرة، والحلم والعلم، والرحمة والنعمة الفعال لما يريد.

وقال الأعمش عن المنهال بن عمرو عن سعيد بن جبير قال: سئل ابن عباس عن قول الله:

﴿وَكانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ﴾ على أي شيء كان الماء؟ قال على متن الريح، وقوله تعالى:

﴿لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً﴾ أي خلق السموات والأرض لنفع عباده الذين خلقهم ليعبدوه ولا يشركوا به شيئا ولم يخلق ذلك عبثا كقوله ﴿وَما خَلَقْنَا السَّماءَ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما باطِلاً ذلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النّارِ﴾ [ص: ٢٧] وقال تعالى: ﴿أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّما خَلَقْناكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنا لا تُرْجَعُونَ فَتَعالَى اللهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لا إِلهَ إِلاّ هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ﴾ [المؤمنون: ١١٥ - ١١٦] وقال تعالى: ﴿وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلاّ لِيَعْبُدُونِ﴾ [الذاريات: ٥٦] الآية وقوله ﴿لِيَبْلُوَكُمْ﴾ أي ليختبركم ﴿أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً﴾ ولم يقل أكثر عملا، بل أحسن عملا ولا يكون العمل حسنا حتى يكون خالصا لله ﷿ على شريعة رسول الله فمتى فقد العمل واحدا من هذين الشرطين حبط وبطل.


(١) أخرجه البخاري في تفسير سورة ١١، باب ٢.
(٢) المسند ٤/ ١١، ١٢.
(٣) أخرجه الترمذي في تفسير سورة ١١، باب ١، وابن ماجة في المقدمة باب ١٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>