للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالت ألا ليتما هذا الحمام لنا … إلى حمامتنا أو نصفه فقد (١)

تريد ونصفه، قاله ابن جرير (٢)، وقال جرير بن عطية: [البسيط] نال الخلافة أو كانت له قدرا … كما أتى ربه موسى على قدر (٣)

قال ابن جرير: يعني نال الخلافة وكانت له قدرا وقال آخرون: أو هاهنا بمعنى بل فتقديره:

فهي كالحجارة بل أشد قسوة، وكقوله: ﴿إِذا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النّاسَ كَخَشْيَةِ اللهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً﴾ [النساء: ٧٧]، ﴿وَأَرْسَلْناهُ إِلى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ﴾ [الصافات: ١٤٧]، فكان ﴿قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى﴾ [النجم: ٩] وقال آخرون: معنى ذلك: ﴿فَهِيَ كَالْحِجارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً﴾ عندكم حكاه ابن جرير. وقال آخرون: المراد بذلك الإبهام على المخاطب، كما قال أبو الأسود: [الوافر] أحب محمدا حبا شديدا … وعباسا وحمزة والوصيّا

فإن يك حبهم رشدا أصبه … وليس بمخطئ إن كان غيّا (٤)

وقال ابن جرير: قالوا: ولا شك أن أبا الأسود لم يكن شاكا في أن حب من سمى رشد، ولكنه أبهم على من خاطبه [به] (٥)، قال: وقد ذكر عن أبي الأسود أنه لما قال هذه الأبيات، قيل له: شككت؟ فقال: كلا والله، ثم انتزع. يقول الله تعالى: ﴿وَإِنّا أَوْ إِيّاكُمْ لَعَلى هُدىً أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ﴾ [سبأ: ٢٤] فقال: أو كان شاكا من أخبر بهذا من الهادي منهم ومن الضال؟ وقال بعضهم: معنى ذلك فقلوبكم لا تخرج عن أحد هذين المثلين، إما أن تكون مثل الحجارة في القسوة، وإما أن تكون أشد منها في القسوة. قال ابن جرير ومعنى ذلك على هذا التأويل، فبعضها كالحجارة قسوة، وبعضها أشد قسوة من الحجارة؛ وقد رجحه ابن جرير مع توجيه غيره.

(قلت) وهذا القول الأخير يبقى شبيها بقوله تعالى: ﴿مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ ناراً﴾ [البقرة: ١٧] مع قوله: ﴿أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّماءِ﴾ [البقرة: ١٩] وكقوله: ﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمالُهُمْ كَسَرابٍ بِقِيعَةٍ﴾ [النور: ٣٩] مع قوله: ﴿أَوْ كَظُلُماتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ﴾ [النور: ٤٠]، أي


(١) البيت للنابغة في ديوانه ص ٢٤: والأزهية ص ٨٩؛ والأغاني ١١/ ٣١؛ والإنصاف ٢/ ٤٧٩؛ وتذكرة النحاة ص ٣٥٣؛ وخزانة الأدب ١٠/ ٢٥١؛ والخصائص ٢/ ٤٦٠.
(٢) تفسير الطبري ٢/ ٢٣٦.
(٣) ويروى «جاء الخلافة». والبيت لجرير في ديوانه ص ٤١٦؛ والأزهية ص ١١٤؛ وخزانة الأدب ١١/ ٦٩؛ والدرر ٦/ ١١٨؛ وشرح شواهد المغني ١/ ١٩٦؛ والمقاصد النحوية ٢/ ٤٨٥.
(٤) البيتان لأبي الأسود في القرطبي ١/ ٤٦٣. وفيه: «وحمزة أو عليا» مكان «وحمزة والوصيّا». وتفسير الطبري ١/ ٤٠٥.
(٥) الزيادة من الطبري.

<<  <  ج: ص:  >  >>