للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري عن أبيه، عن جده قال: كنا نتناوب رسول الله ، فنبيت عنده تكون له حاجة أو يطرقه أمر من الليل فيبعثنا، فكثر المحتسبون وأهل النوب، فكنا نتحدث فخرج علينا رسول الله فقال: «ما هذه النجوى؟» قال: فقلنا: تبنا إلى الله أي نبي الله، إنما كنا في ذكر المسيح وفرقنا منه فقال ألا أخبركم بما هو أخوف عليكم من المسيح عندي قال قلنا بلى، فقال: «الشرك الخفي أن يقوم الرجل يصلي لمكان الرجل».

وقال الإمام أحمد (١): حدثنا أبو النضر، حدثنا عبد الحميد يعني ابن بهرام قال: قال شهر ابن حوشب: قال ابن غنم: لما دخلنا مسجد الجابية أنا وأبو الدرداء، لقينا عبادة بن الصامت فأخذ يميني بشماله، وشمال أبي الدرداء بيمينه، فخرج يمشي بيننا ونحن نتناجى، والله أعلم بما نتناجى به، فقال عبادة بن الصامت: إن طال بكما عمر أحدكما أو كليكما لتوشكان أن تريا الرجل من ثبج المسلمين، يعني من وسط قرأ القرآن على لسان محمد ، فأعاده وأبدأه وأحل حلاله وحرم حرامه ونزله عند منازله لا يحور فيكم إلا كما يحور رأس الحمار الميت.

قال: فبينما نحن كذلك إذ طلع شداد بن أوس وعوف بن مالك فجلسا إلينا، فقال شداد: إن أخوف ما أخاف عليكم أيها الناس لما سمعت رسول الله يقول: «من الشهوة الخفية والشرك» فقال عبادة بن الصامت وأبو الدرداء: اللهم غفرا ألم يكن رسول الله قد حدثنا أن الشيطان قد يئس أن يعبد في جزيرة العرب. أما الشهوة الخفية فقد عرفناها هي شهوات الدنيا من نسائها وشهواتها، فما هذا الشرك الذي تخوفنا به يا شداد؟ فقال شداد: أرأيتكم لو رأيتم رجلا يصلي رجل أو يصوم لرجل أو يتصدق له، أترون أنه قد أشرك؟ قالوا: نعم والله إن من صلى لرجل أو صام أو تصدق له لقد أشرك، فقال شداد فإني سمعت رسول الله يقول: من صلى يرائي فقد أشرك ومن صام يرائي فقد أشرك ومن تصدق يرائي فقد أشرك فقال عوف بن مالك عند ذلك: أفلا يعمد إليه إلى ما ابتغى به وجهه من ذلك العمل كله فيقبل ما خلص له ويدع ما أشرك به فقال شداد عند ذلك: فإني سمعت رسول الله يقول: «إن الله يقول: أنا خير قسيم لمن أشرك بي من أشرك بي شيئا، فإن عمله قليله وكثيره لشريكه الذي أشرك به، أنا عنه غني».

[طريق أخرى لبعضه] قال الإمام أحمد (٢): حدثنا زيد بن الحباب، حدثني عبد الواحد بن زياد، أخبرنا عبادة بن نسي عن شداد بن أوس أنه بكى، فقيل له: ما يبكيك؟ قال شيء سمعته من رسول الله فأبكاني، سمعت رسول الله يقول: «أتخوف على أمتي الشرك والشهوة الخفية» قلت: يا رسول الله أتشرك أمتك من بعدك؟ قال: «نعم أما إنهم لا يعبدون شمسا ولا قمرا ولا حجرا ولا وثنا، ولكن يراءون بأعمالهم، والشهوة الخفية أن


(١) المسند ٤/ ١٢٥، ١٢٦.
(٢) المسند ٤/ ١٢٣، ١٢٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>