حديثا غريبا جدا، فقال: حدثنا الفضل بن يعقوب الرخاني، حدثنا سعيد بن مسلمة بن عبد الملك، حدثنا الليث بن أبي سليم عن مغيث عن أبي هريرة عن النبي ﷺ في قوله: ﴿إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى أُولئِكَ عَنْها مُبْعَدُونَ﴾ قال: عيسى وعزيز والملائكة، وذكر بعضهم قصة ابن الزبعرى ومناظرة المشركين قال أبو بكر بن مردويه: حدثنا محمد بن علي بن سهل، حدثنا محمد بن حسن الأنماطي، حدثنا إبراهيم بن محمد بن عرعرة، حدثنا يزيد بن أبي حكيم، حدثنا الحكم يعني ابن أبان عن عكرمة عن ابن عباس قال: جاء عبد الله بن الزبعرى إلى النبي ﷺ فقال: تزعم أن الله أنزل عليك هذه الآية ﴿إِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَها وارِدُونَ﴾ فقال ابن الزبعرى: قد عبدت الشمس والقمر والملائكة وعزيز وعيسى ابن مريم كل هؤلاء في النار مع آلهتنا؟ فنزلت ﴿وَلَمّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلاً إِذا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ وَقالُوا أَآلِهَتُنا خَيْرٌ أَمْ هُوَ ما ضَرَبُوهُ لَكَ إِلاّ جَدَلاً بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ﴾ ثم نزلت ﴿إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى أُولئِكَ عَنْها مُبْعَدُونَ﴾ رواه الحافظ أبو عبد الله في كتابه الأحاديث المختارة.
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا قبيصة بن عقبة، حدثنا سفيان يعني الثوري عن الأعمش عن أصحابه عن ابن عباس قال: لما نزلت: ﴿إِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَها وارِدُونَ﴾ قال المشركون: فالملائكة وعزيز وعيسى يعبدون من دون الله فنزلت ﴿لَوْ كانَ هؤُلاءِ آلِهَةً ما وَرَدُوها﴾ الآلهة التي يعبدون ﴿وَكُلٌّ فِيها خالِدُونَ﴾ وروي عن أبي كدينة عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس مثل ذلك وقال: فنزلت ﴿إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى أُولئِكَ عَنْها مُبْعَدُونَ﴾.
وقال محمد بن إسحاق بن يسار ﵀ في كتاب السيرة: وجلس رسول الله ﷺ فيما بلغني يوما مع الوليد بن المغيرة في المسجد، فجاء النضر بن الحارث حتى جلس معهم، وفي المسجد غير واحد من رجال قريش، فتكلم رسول الله ﷺ فعرض له النضر بن الحارث فكلمه رسول الله ﷺ حتى أفحمه، وتلا عليه وعليهم ﴿إِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَها وارِدُونَ﴾ -إلى قوله- ﴿هُمْ فِيها لا يَسْمَعُونَ﴾ ثم قال رسول الله ﷺ وأقبل عبد الله بن الزبعرى السهمي حتى جلس معهم، فقال الوليد بن المغيرة لعبد الله بن الزبعرى: والله ما قام النضر بن الحارث لابن عبد المطلب آنفا ولا قعد، وقد زعم محمد أنا وما نعبد من آلهتنا هذه حصب جهنم، فقال عبد الله بن الزبعرى: أما والله لو وجدته لخصمته، فسلوا محمدا كل ما يعبد من دون الله في جهنم مع من عبده، فنحن نعبد الملائكة، واليهود تعبد عزيزا، والنصارى تعبد المسيح عيسى ابن مريم، فعجب الوليد ومن كان معه في المجلس من قول عبد الله بن الزبعرى ورأوا أنه قد احتج وخاصم، فذكر ذلك لرسول الله ﷺ فقال:«كل من أحب أن يعبد من دون الله فهو مع من عبده، إنهم إنما يعبدون الشيطان ومن أمرهم بعبادته».