للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلا يقعون فيما نهاهم الله عنه من زنا ولواط، لا يقربون سوى أزواجهم التي أحلها الله لهم أو ما ملكت أيمانهم من السراري ومن تعاطى ما أحله الله له فلا لوم عليه ولا حرج، ولهذا قال:

﴿فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ فَمَنِ ابْتَغى وَراءَ ذلِكَ﴾ أي غير الأزواج والإماء ﴿فَأُولئِكَ هُمُ العادُونَ﴾ أي المعتدون.

وقال ابن جرير (١): حدثنا محمد بن بشار، حدثنا عبد الأعلى، حدثنا سعيد عن قتادة أن امرأة اتخذت مملوكها وقالت: تأولت آية من كتاب الله ﴿أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ﴾ فأتى بها عمر بن الخطاب ، وقال له ناس من أصحاب النبي : تأولت آية من كتاب الله ﷿ على غير وجهها، قال: فغرب العبد وجز رأسه، وقال: أنت بعده حرام على كل مسلم، هذا أثر غريب منقطع، ذكره ابن جرير في تفسير أول سورة المائدة وهو هاهنا أليق، وإنما حرمها على الرجال معاملة لها بنقيض قصدها، والله أعلم.

وقد استدل الإمام الشافعي ومن وافقه على تحريم الاستمناء باليد بهذه الآية الكريمة ﴿وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ إِلاّ عَلى أَزْواجِهِمْ أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ﴾ قال: فهذا الصنيع خارج عن هذين القسمين، وقد قال الله تعالى: ﴿فَمَنِ ابْتَغى وَراءَ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ العادُونَ﴾ وقد استأنسوا بحديث رواه الإمام الحسن بن عرفة في جزئه المشهور حيث قال:

حدثني علي بن ثابت الجزري عن مسلمة بن جعفر عن حسان بن حميد، عن أنس بن مالك عن النبي قال: «سبعة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولا يجمعهم مع العالمين، ويدخلهم النار أول الداخلين إلا أن يتوبوا ومن تاب تاب الله عليه الناكح يده، والفاعل والمفعول به، ومدمن الخمر، والضارب والديه حتى يستغيثا، والمؤذي جيرانه حتى يلعنوه، والناكح حليلة جاره» هذا حديث غريب، وإسناده فيه من لا يعرف لجهالته، والله أعلم.

وقوله: ﴿وَالَّذِينَ هُمْ لِأَماناتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ راعُونَ﴾ أي إذا اؤتمنوا لم يخونوا بل يؤدونها إلى أهلها، وإذا عاهدوا أو عاقدوا أوفوا بذلك لا كصفات المنافقين الذين قال فيهم رسول الله «آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان» (٢). وقوله: ﴿وَالَّذِينَ هُمْ عَلى صَلَواتِهِمْ يُحافِظُونَ﴾ أي يواظبون عليها في مواقيتها، كما قال ابن مسعود: سألت رسول الله فقلت: يا رسول الله أي العمل أحب إلى الله؟ قال «الصلاة على وقتها». قلت:

ثم أي؟ قال «بر الوالدين». قلت: ثم أي؟ قال: «الجهاد في سبيل الله» (٣). أخرجاه في الصحيحين. وفي مستدرك الحاكم قال: «الصلاة في أول وقتها».


(١) تفسير الطبري ٤/ ٤٤٦.
(٢) أخرجه البخاري في الشهادات باب ٢٨، ومسلم في الإيمان حديث ١٠٧، ١٠٨.
(٣) أخرجه البخاري في مواقيت الصلاة باب ٥، والجهاد باب ١، والأدب باب ١، والتوحيد باب ٤٨، ومسلم في الإيمان حديث ١٣٧، ١٤٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>