للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعض صالحيهم وعلق على ذلك الطائر في مكان منها فإذا كان زمان الزيتون فتح بابا من ناحيته فيدخل الريح إلى داخل هذه الصورة، فيسمع صوتها كل طائر في شكله أيضا، فتأتي الطيور فتحمل من الزيتون شيئا كثيرا، فلا ترى النصارى إلا ذلك الزيتون في هذه الصومعة ولا يدرون ما سببه، ففتنهم بذلك وأوهم أن هذا من كرامات صاحب هذا القبر، عليهم لعائن الله المتتابعة إلى يوم القيامة (١).

قال الرازي: النوع السادس من السحر الاستعانة بخواص الأدوية يعني في هذا الأطعمة والدهانات قال: واعلم أنه لا سبيل إلى إنكار الخواص فإن تأثير المغناطيس مشاهد. (قلت) يدخل في هذا القبيل كثير ممن يدعي الفقر ويتحيل على جهلة الناس بهذه الخواص مدعيا أنها أحوال له من مخالطة النيران ومسك الحيات إلى غير ذلك من المحالات (٢).

قال النوع السابع من السحر: التعليق للقلب، وهو أن يدعي الساحر أنه عرف الاسم الأعظم وأن الجن يطيعونه وينقادون له في أكثر الأمور فإذا اتفق أن يكون السامع لذلك ضعيف العقل قليل التمييز اعتقد أنه حق وتعلق قلبه بذلك وحصل في نفسه نوع من الرعب والمخافة فإذا ما حصل الخوف ضعفت القوى الحساسة فحينئذ يتمكن الساحر أن يفعل ما يشاء. (قلت) هذا النمط يقال له التنبلة وإنما يروج على ضعفاء العقول من بني آدم. وفي علم الفراسة ما يرشد إلى معرفة العقل من ناقصه فإذا كان المتنبل حاذقا في علم الفراسة عرف من ينقاد له من الناس من غيره.

قال: النوع الثامن من السحر: السعي بالنميمة والتضريب (٣) من وجوه خفيفة لطيفة وذلك شائع في الناس (قلت) النميمة على قسمين تارة تكون على وجه التحرش بين الناس وتفريق قلوب المؤمنين فهذا حرام متفق عليه، فأما إن كانت على وجه الإصلاح بين الناس وائتلاف كلمة المسلمين كما جاء في الحديث «ليس بالكذاب من ينم خيرا» أو يكون على وجه التخذيل والتفريق بين جموع الكفرة، فهذا أمر مطلوب كما جاء في الحديث «الحرب خدعة»، وكما فعل نعيم بن مسعود في تفريق كلمة الأحزاب وبني قريظة: جاء إلى هؤلاء فنمى إليهم عن هؤلاء كلاما، ونقل من هؤلاء إلى أولئك شيئا آخر، ثم لأم بين ذلك فتناكرت النفوس وافترقت، وإنما


(١) يفهم من حكاية ابن كثير المنقولة هنا عن الرازي أن الراهب المشار إليه أعلاه نصراني. والحال أن الرازي إنما حكى عن «عمل أرجعيانوس الموسيقار في هيكل أورشليم العتيق عند تجديده إياه». قارن برواية الرازي ٣/ ١٩٣.
(٢) توجيه كلام الرازي إلى هذا المعنى غير دقيق. فقد تحدث الرازي عن «الاستعانة بخواص الأدوية مثل أن يجعل في طعامه بعض الأدوية المبلدة المزيلة للعقل والدخن المسكرة، نحو دماغ الحمار إذا تناوله الإنسان تبلّد عقله وقلّت فطنته» فتأمّل.
(٣) التضريب: الإغراء.

<<  <  ج: ص:  >  >>