للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثمان، وأيضا ففي صحيح مسلم من حديث أبي عوانة الوضاح بن عبد الله اليشكري عن الجعد أبي عثمان البصري عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله «يا بني» ورواه أبو داود والترمذي.

وقوله ﷿ ﴿فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آباءَهُمْ فَإِخْوانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوالِيكُمْ﴾ أمر تعالى برد أنساب الأدعياء إلى آبائهم إن عرفوا، فإن لم يعرفوا فهم إخوانهم في الدين ومواليهم، أي عوضا عما فاتهم من النسب، ولهذا قال رسول الله يوم خرج من مكة عمرة القضاء وتبعتهم ابنة حمزة تنادي، يا عم يا عم، فأخذها علي وقال لفاطمة : دونك ابنة عمك، فاحتملتها فاختصم فيها علي وزيد وجعفر في أيهم يكفلها، فكل أدلى بحجة، فقال علي : أنا أحق بها وهي ابنة عمي: وقال زيد: ابنة أخي، وقال جعفر بن أبي طالب: ابنة عمي وخالتها تحتي، يعني أسماء بنت عميس، فقضى بها النبي لخالتها وقال «الخالة بمنزلة الأم» (١) وقال لعلي «أنت مني وأنا منك» (٢). وقال لجعفر «أشبهت خلقي وخلقي» (٣). وقال لزيد «أنت أخونا ومولانا» ففي الحديث أحكام كثيرة من أحسنها أنه حكم بالحق، وأرضى كلا من المتنازعين. وقال لزيد «أنت أخونا ومولانا» (٤). كما قال تعالى: ﴿فَإِخْوانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوالِيكُمْ﴾.

وقال ابن جرير (٥): حدثنا يعقوب بن إبراهيم، حدثنا ابن علية، عن عيينة بن عبد الرحمن عن أبيه قال: قال أبو بكرة : قال الله ﷿ ﴿اُدْعُوهُمْ لِآبائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آباءَهُمْ فَإِخْوانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوالِيكُمْ﴾ فأنا ممن لا يعرف أبوه فأنا من إخوانكم في الدين، قال أبي: والله إني لأظنه لو علم أن أباه كان حمارا لانتمى إليه، وقد جاء في الحديث «من ادعى إلى غير أبيه وهو يعلمه كفر» (٦) وهذا تشديد وتهديد ووعيد أكيد في التبري من النسب المعلوم، ولهذا قال تعالى: ﴿اُدْعُوهُمْ لِآبائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آباءَهُمْ فَإِخْوانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوالِيكُمْ﴾.

ثم قال تعالى: ﴿وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ فِيما أَخْطَأْتُمْ بِهِ﴾ أي إذا نسبتم بعضهم إلى غير أبيه في


(١) أخرجه البخاري في الصلح باب ٦، والمغازي باب ٤٣، وأبو داود في الطلاق باب ٣٥، والترمذي في البر باب ٦.
(٢) أخرجه البخاري في الصلح باب ٦.
(٣) أخرجه البخاري في الصلح باب ٦، وفضائل أصحاب النبي باب ١٠، والترمذي في المناقب باب ٢٩.
(٤) أخرجه البخاري في الصلح باب ٦.
(٥) تفسير الطبري ١٠/ ٢٥٧.
(٦) أخرجه البخاري في المناقب باب ٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>