للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقال له حذيفة: أنت كنت تفعل ذلك؟ لقد رأيتنا مع رسول الله ليلة الأحزاب في ليلة ذات ريح شديدة وقر، فقال رسول الله «ألا رجل يأتي بخبر القوم يكون معي يوم القيامة» فلم يجبه منا أحد، ثم الثانية ثم الثالثة مثله، ثم قال «يا حذيفة قم فأتنا بخبر من القوم» فلم أحد بدا إذ دعاني باسمي أن أقوم فقال: «ائتني بخبر القوم ولا تذعرهم علي» قال: فمضيت كأنما أمشي في حمام حتى أتيتهم، فإذا أبو سفيان يصلي ظهره بالنار، فوضعت سهما في كبد قوسي وأردت أن أرميه، ثم ذكرت قول رسول الله ، لا تذعرهم علي، ولو رميته لأصبته، قال:

فرجعت كأنما أمشي في حمام، فأتيت رسول الله ، ثم أصابني البرد حين فرغت وقررت، فأخبرت رسول الله وألبسني من فضل عباءة كانت عليه يصلي فيها، فلم أزل نائما حتى الصبح، فلما أصبحت قال رسول الله : «قم يا نومان».

ورواه يونس بن بكير عن هشام بن سعد، عن زيد بن أسلم قال: إن رجلا قال لحذيفة : نشكو إلى الله صحبتكم لرسول الله ، إنكم أدركتموه ولم ندركه، ورأيتموه ولم نره، فقال حذيفة : ونحن نشكو إلى الله إيمانكم به ولم تروه، والله لا تدري يا ابن أخي لو أدركته كيف كنت تكون، لقد رأيتنا مع رسول الله ليلة الخندق في ليلة باردة مطيرة، ثم ذكر نحو ما تقدم مطولا. وروى بلال بن يحيى العبسي عن حذيفة نحو ذلك أيضا.

وقد أخرج الحاكم والبيهقي في الدلائل من حديث عكرمة بن عمار عن محمد بن عبد الله الدؤلي عن عبد العزيز ابن أخي حذيفة قال ذكر حذيفة مشاهدهم مع رسول الله فقال جلساؤه: أما والله لو شاهدنا ذلك كنا فعلنا وفعلنا، فقال حذيفة: لا تمنوا ذلك، لقد رأيتنا ليلة الأحزاب ونحن صافون قعودا، وأبو سفيان ومن معه من الأحزاب فوقنا، وقريظة لليهود أسفل منا نخافهم على ذرارينا، وما أتت علينا قط أشد ظلمة ولا أشد ريحا في أصوات ريحها أمثال الصواعق وهي ظلمة ما يرى أحدنا إصبعه، فجعل المنافقون يستأذنون النبي ويقولون: إن بيوتنا عورة وما هي بعورة، فما يستأذنه أحد منهم إلا أذن له، ويأذن لهم فيتسللون، ونحن ثلاثمائة أو نحو ذلك إذ استقبلنا رسول الله رجلا رجلا، حتى أتى علي وما علي جنة من العدو ولا من البرد إلا مرط لامرأتي ما يجاوز ركبتي.

قال: فأتاني وأنا جاث على ركبتي فقال: «من هذا؟» فقلت: حذيفة. قال:

«حذيفة؟» فتقاصرت الأرض فقلت: بلى يا رسول الله كراهية أن أقوم، فقمت فقال «إنه كائن في القوم خبر فأتني بخبر القوم» قال: وأنا من أشد الناس فزعا وأشدهم قهرا. قال: فخرجت فقال رسول الله «اللهم احفظه من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله ومن فوقه ومن تحته» قال: فوالله ما خلق الله تعالى فزعا ولا قرّا في جوفي إلا خرج من جوفي، فما أجد فيه شيئا، قال: فلما وليت، قال «يا حذيفة لا تحدثن في القوم شيئا حتى تأتني» قال:

<<  <  ج: ص:  >  >>