للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحجارة ويقولان ﴿رَبَّنا تَقَبَّلْ مِنّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾ هكذا رواه من هذين الوجهين في كتاب الأنبياء.

والعجب أن الحافظ أبا عبد الله الحاكم رواه في كتابه المستدرك عن أبي العباس الأصم عن محمد بن سنان القزاز عن أبي علي عبيد الله بن عبد المجيد الحنفي عن إبراهيم بن نافع به، وقال، صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه كذا قال، وقد رواه البخاري كما ترى من حديث إبراهيم بن نافع، وكأن فيه اختصارا فإنه لم يذكر فيه شأن الذبح، وقال: جاء في الصحيح أن قرني الكبش كانا معلقين بالكعبة، وقد جاء أن إبراهيم كان يزور أهله بمكة على البراق سريعا ثم يعود إلى أهله بالبلاد المقدسة، والله أعلم، إنما فيه مرفوع أماكن صرح بها ابن عباس عن النبي .

وقد ورد عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب في هذا السياق ما يخالف بعض هذا، كما قال ابن جرير (١): حدثنا محمد بن بشار ومحمد بن المثنى، قالا: أخبرنا مؤمل، أخبرنا سفيان عن أبي إسحاق، عن حارثة بن مضرب، عن علي بن أبي طالب، قال: لما أمر إبراهيم ببناء البيت خرج معه إسماعيل وهاجر، قال: فلما قدم مكة رأى على رأسه في موضع البيت مثل الغمامة فيه مثل الرأس فكلمه فقال: يا إبراهيم، ابن على ظلي، أو قال: على قدري، ولا تزد ولا تنقص، فلما بنى خرج وخلف إسماعيل وهاجر، فقالت هاجر: يا إبراهيم، إلى من تكلنا؟ قال: إلى الله، قالت: انطلق فإنه لا يضيعنا، قال: فعطش إسماعيل عطشا شديدا، قال فصعدت هاجر إلى الصفا، فنظرت فلم تر شيئا، حتى أتت المروة فلم تر شيئا، ثم رجعت إلى الصفا فنظرت فلم تر شيئا، ففعلت ذلك سبع مرات، فقالت: يا إسماعيل مت حيث لا أراك، فأتته وهو يفحص برجله من العطش، فناداها جبريل فقال لها: من أنت؟ قالت: أنا هاجر أم ولد إبراهيم، قال: فإلى من وكلكما؟ قالت: وكلنا إلى الله، قال: وكلكما إلى كاف، قال: ففحص الغلام الأرض بإصبعه، فنبعت زمزم فجعلت تحبس الماء، فقال: دعيه فإنها رواء (٢)، ففي هذا السياق أنه بنى البيت قبل أن يفارقها، وقد يحتمل أنه كان محفوظا أن يكون أولا وضع له حوطا وتحجيرا لا أنه بناه إلى أعلاه، حتى كبر إسماعيل فبنياه معا كما قال الله تعالى.

ثم قال ابن جرير (٣): أخبرنا هناد بن السري، حدثنا أبو الأحوص عن سماك عن خالد بن عرعرة: أن رجلا قام إلى علي ، فقال: ألا تخبرني عن البيت، أهو أول بيت وضع في الأرض؟ فقال: لا، ولكنه أول بيت وضع في البركة مقام إبراهيم، ومن دخله كان آمنا، وإن شئت أنبأتك كيف بني: إن الله أوحى إلى إبراهيم أن ابن لي بيتا في الأرض، فضاق إبراهيم بذلك


(١) تفسير الطبري ١/ ٦٠٠.
(٢) أي كثيرة الماء.
(٣) تفسير الطبري ١/ ٦٠٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>