للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حدثنا أبو زرعة، حدثنا صفوان، حدثنا الوليد، حدثنا خليل عن الحسن عن أبي سعيد الخدري ، أن رسول الله قال: «يهيج الدخان بالناس، فأما المؤمن فيأخذه الزكمة، وأما الكافر فينفخه حتى يخرج من كل مسمع منه». ورواه سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن الحسن عن أبي سعيد الخدري موقوفا، وروى سعيد بن عوف عن الحسن مثله.

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا عبد الله بن صالح بن مسلم، حدثنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن الحارث عن علي قال: لم تمض آية الدخان بعد، يأخذ المؤمن كهيئة الزكام وتنفخ الكافر حتى ينفذ.

وروى ابن جرير (١) من حديث الوليد بن جميع عن عبد الملك بن المغيرة، عن عبد الرحمن بن السليماني عن ابن عمر قال: يخرج الدخان فيأخذ المؤمن كهيئة الزكام، ويدخل في مسامع الكافر والمنافق حتى يكون كالرأس الحنيذ أي المشوي على الرضف (٢)، ثم قال ابن جرير (٣): حدثني يعقوب، حدثنا ابن علية عن ابن جريج عن عبد الله بن أبي مليكة قال: غدوت على ابن عباس ذات يوم فقال: ما نمت الليلة حتى أصبحت. قلت: لم؟ قال: قالوا طلع الكوكب ذو الذنب، فخشيت أن يكون الدخان قد طرق فما نمت حتى أصبحت.

وهكذا رواه ابن أبي حاتم عن أبيه عن ابن عمر عن سفيان عن عبد الله بن أبي يزيد، عن عبد الله بن أبي مليكة عن ابن عباس فذكره، وهذا إسناد صحيح إلى ابن عباس حبر الأمة وترجمان القرآن، وهكذا قول من وافقه من الصحابة والتابعين أجمعين مع الأحاديث المرفوعة من الصحاح والحسان وغيرهما التي أوردوها مما فيه مقنع، ودلالة ظاهرة على أن الدخان من الآيات المنتظرة مع أنه ظاهر القرآن، قال الله : ﴿فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّماءُ بِدُخانٍ مُبِينٍ﴾ أي بين واضح يراه كل أحد، وعلى ما فسر به ابن مسعود إنما هو خيال رأوه في أعينهم من شدة الجوع والجهد، وهكذا قوله تعالى: ﴿يَغْشَى النّاسَ﴾ أي يتغشاهم ويعميهم، ولو كان أمرا خياليا يخص أهل مكة المشركين لما قيل فيه ﴿يَغْشَى النّاسَ﴾.

وقوله تعالى: ﴿هذا عَذابٌ أَلِيمٌ﴾ أي يقال لهم ذلك تقريعا وتوبيخا كقوله ﷿: ﴿يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلى نارِ جَهَنَّمَ دَعًّا هذِهِ النّارُ الَّتِي كُنْتُمْ بِها تُكَذِّبُونَ﴾ [الطور: ١٣ - ١٤] أو يقول بعضهم لبعض ذلك. وقوله : ﴿رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذابَ إِنّا مُؤْمِنُونَ﴾ أي يقول الكافرون


(١) تفسير الطبري ١١/ ٢٢٧.
(٢) الرضف: الحجارة الممحاة على النار.
(٣) تفسير الطبري ١١/ ٢٢٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>