للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فدعوت الله تعالى لهم أن لا يمروا بروثة ولا عظم إلا وجدوه طعاما» أخرجه البخاري (١) في صحيحه عن موسى بن إسماعيل عن عمرو بن يحيى بإسناده قريبا منه، فهذا يدل على ما تقدم على أنهم وفدوا عليه بعد ذلك وسنذكر إن شاء الله تعالى ما يدل على تكرار ذلك.

وقد روى ابن عباس غير ما ذكر عنه أولا من وجه جيد، فقال ابن جرير (٢): حدثنا أبو كريب، حدثنا عبد الحميد الحماني، حدثنا النضر بن عربي عن عكرمة عن ابن عباس في قوله تعالى: ﴿وَإِذْ صَرَفْنا إِلَيْكَ نَفَراً مِنَ الْجِنِّ﴾ الآية. قال: كانوا سبعة نفر من أهل نصيبين، فجعلهم رسول الله رسلا إلى قومهم. فهذا يدل على أنه روى القصتين. وقال ابن أبي حاتم: حدثنا علي بن الحسين، حدثنا سويد بن عبد العزيز، حدثنا رجل سماه عن ابن جريج عن مجاهد ﴿وَإِذْ صَرَفْنا إِلَيْكَ نَفَراً مِنَ الْجِنِّ﴾ الآية، قال كانوا سبعة نفر ثلاثة من أهل حران وأربعة من أهل نصيبين، وكانت أسماؤهم حيي وحسى ومنيثي وشاضر وماضر والأردوابيان والأحقم، وذكر أبو حمزة الثمالي أن هذا الحي من الجن كان يقال له بنو الشيصبان وكانوا أكثر الجن عددا وأشرفهم نسبا، وهم كانوا عامة جنود إبليس.

وقال سفيان الثوري عن عاصم عن ذر عن ابن مسعود كانوا تسعة أحدهم زوبعة، أتوه من أصل نخلة، وتقدم عنهم أنهم كانوا خمسة عشر، وفي رواية أنهم كانوا على ستين راحلة، وتقدم عنه أن اسم سيدهم وردان، وقيل: كانوا ثلاثمائة، وتقدم عن عكرمة أنهم كانوا اثني عشر ألفا، فلعل هذا الاختلاف دليل على تكرر وفادتهم عليه .

ومما يدل على ذلك ما قاله البخاري (٣) في صحيحه: حدثنا يحيى بن سليمان حدثني ابن وهب، حدثني عمر هو ابن محمد قال: إن سالما حدثه عن عبد الله بن عمر بن الخطاب قال: ما سمعت عمر يقول لشيء قط إني لأظنه هكذا إلا كان كما يظن بينما عمر بن الخطاب جالس إذ مر به رجل جميل فقال: لقد أخطأ ظني أو إن هذا على دينه في الجاهلية أو لقد كان كاهنهم، علي بالرجل، فدعي له، فقال له ذلك فقال:

ما رأيت كاليوم استقبل به رجل مسلم قال: فإني أعزم عليك إلا ما أخبرتني قال: كنت كاهنهم في الجاهلية قال: فما أعجب ما جاءتك به جنيتك، قال: بينما أنا يوما في السوق جاءتني أعرف فيها الفزع فقالت: [السريع] ألم تر الجنّ وإبلاسها … ويأسها من بعد إنكاسها

ولحوقها بالقلاص وأحلاسها (٤)


(١) كتاب مناقب الأنصار باب ٣٢.
(٢) تفسير الطبري ١١/ ٢٩٧.
(٣) كتاب مناقب الأنصار باب ٣٥.
(٤) يروي البيت: ألم تر الجن وإبلاسها وشدّ العيس بأحلاسها وهو لسواد بن قارب في لسان العرب (عيس) وبلا نسبة في لسان العرب (أنس)، (بلس)، والإبلاس: التحير والدهشة، والقلاص، جمع قلوس، وهي الناقة الشابة، والأحلاس جمع حلس: وهو الكساء الذي يلي ظهر البعير تحت القتب.

<<  <  ج: ص:  >  >>