للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال ابن جرير (١): حدثني ابن بزيع البغدادي، حدثنا إسحاق بن منصور، حدثنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن عبد الرحمن بن يزيد عن عبد الله ﴿ما كَذَبَ الْفُؤادُ ما رَأى﴾ قال: رأى رسول الله جبريل عليه حلتا رفرف قد ملأ ما بين السماء والأرض، فعلى ما ذكرناه يكون قوله: ﴿فَأَوْحى إِلى عَبْدِهِ ما أَوْحى﴾ معناه فأوحى جبريل إلى عبد الله محمد ما أوحى، أو فأوحى الله إلى عبده محمد ما أوحى بواسطة جبريل، وكلا المعنيين صحيح. وقد ذكر عن سعيد بن جبير في قوله: ﴿فَأَوْحى إِلى عَبْدِهِ ما أَوْحى﴾ قال: أوحى الله إليه ﴿أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً﴾ [الضحى: ٦]- ﴿وَرَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ﴾ [الشرح: ٤] وقال غيره: أوحى الله إليه أن الجنة محرمة على الأنبياء حتى تدخلها، وعلى الأمم حتى تدخلها أمتك.

وقوله تعالى: ﴿ما كَذَبَ الْفُؤادُ ما رَأى أَفَتُمارُونَهُ عَلى ما يَرى﴾ قال مسلم: حدثنا أبو سعيد الأشج، حدثنا وكيع، حدثنا الأعمش عن زياد بن حصين عن أبي العالية عن ابن عباس ﴿ما كَذَبَ الْفُؤادُ ما رَأى﴾ ﴿وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرى﴾ قال: رآه بفؤاده مرتين، وكذا رواه سماك عن عكرمة عن ابن عباس مثله، وكذا قال أبو صالح والسدي وغيرهما: إنه رآه بفؤاده مرتين (٢)، وقد خالفه ابن مسعود وغيره. وفي رواية عنه أنه أطلق الرؤية وهي محمولة على المقيدة بالفؤاد، ومن روى عنه بالبصر فقد أغرب فإنه لا يصح في ذلك شيء عن الصحابة ، وقول البغوي في تفسيره وذهب جماعة إلى أنه رآه بعينه وهو قول أنس والحسن وعكرمة فيه نظر والله أعلم.

وقال الترمذي (٣): حدثنا محمد بن عمرو بن نبهان بن صفوان، حدثنا يحيى بن كثير العنبري عن سلمة بن جعفر عن الحكم بن أبان عن عكرمة عن ابن عباس قال: رأى محمد ربه، قلت: أليس الله يقول: ﴿لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ﴾ [الأنعام: ١٠٣] قال:

ويحك ذاك إذا تجلى بنوره الذي هو نوره، وقد رأى ربه مرتين. ثم قال: حسن غريب. وقال أيضا: حدثنا ابن أبي عمر، حدثنا سفيان عن مجالد عن الشعبي قال: لقي ابن عباس كعبا بعرفة فسأله عن شيء فكبر حتى جاوبته الجبال، فقال ابن عباس: إنا بنو هاشم، فقال كعب: إن الله قسم رؤيته وكلامه بين محمد وموسى، فكلم موسى مرتين ورآه محمد مرتين.

وقال مسروق: دخلت على عائشة فقلت: هل رأى محمد ربه، فقالت: لقد تكلمت بشيء قفّ له شعري فقلت: رويدا، ثم قرأت ﴿لَقَدْ رَأى مِنْ آياتِ رَبِّهِ الْكُبْرى﴾ فقالت: أين يذهب بك إنما هو جبريل، من أخبرك أن محمدا رأى ربه أو كنتم شيئا مما أمر به أو يعلم الخمس التي


(١) تفسير الطبري ١١/ ٥١١.
(٢) أخرجه مسلم في الإيمان حديث ٢٨٦.
(٣) تفسير سورة ٥٣، باب ٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>