للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِبْرَاهِيمُ إِنَّهُمْ يَكْذِبُونَ عَلَى عَلَيٍّ، هَذَا كَمَا رَوَوْا عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ ضَمَّنَ الْأَسْفَلُ الْأَعْلَى والأعلى الأسفل، وتوقف ابن جرير في المراد بقوله: بِالْخُنَّسِ الْجَوارِ الْكُنَّسِ هَلْ هُوَ النُّجُومُ أَوِ الظِّبَاءُ وَبَقَرُ الْوَحْشِ قَالَ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْجَمِيعُ مُرَادًا.

وقوله تعالى: وَاللَّيْلِ إِذا عَسْعَسَ فِيهِ قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا إِقْبَالُهُ بظلامه وقال مُجَاهِدٌ أَظْلَمَ وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ إِذَا نَشَأَ، وَقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ إِذَا غَشَّى النَّاسَ، وَكَذَا قَالَ عَطِيَّةُ الْعَوْفِيُّ وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ وَالْعَوْفِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ إِذا عَسْعَسَ إِذَا أَدْبَرَ، وَكَذَا قَالَ مُجَاهِدٌ وَقَتَادَةُ وَالضَّحَّاكُ وَكَذَا قَالَ زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ وَابْنُهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ إِذا عَسْعَسَ أَيْ إِذَا ذَهَبَ فَتَوَلَّى.

وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ عَنْ أَبِي الْبَخْتَرِيِّ سَمِعَ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيَّ قَالَ: خَرَجَ عَلَيْنَا عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ حِينَ ثَوَّبَ الْمُثَوِّبُ بِصَلَاةِ الصُّبْحِ فَقَالَ: أَيْنَ السَّائِلُونَ عَنِ الْوِتْرِ وَاللَّيْلِ إِذا عَسْعَسَ وَالصُّبْحِ إِذا تَنَفَّسَ هَذَا حِينَ أَدْبَرَ حَسَنٌ.

وَقَدِ اخْتَارَ ابْنُ جَرِيرٍ «١» أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ: إِذا عَسْعَسَ إِذَا أَدْبَرَ قَالَ لِقَوْلِهِ وَالصُّبْحِ إِذا تَنَفَّسَ أَيْ أضاء، واستشهد بقول الشاعر أيضا: [رجز]

حَتَّى إِذَا الصُّبْحُ لَهُ تَنَفَّسَا ... وَانَجَابَ عَنْهَا لَيْلُهَا وَعَسْعَسَا «٢»

أَيْ أَدْبَرَ، وَعِنْدِي أَنَّ الْمُرَادَ بقوله إِذا عَسْعَسَ إِذَا أَقْبَلَ وَإِنْ كَانَ يَصِحُّ اسْتِعْمَالُهُ في الإدبار أيضا لكن الإقبال هاهنا أنسب، كأنه أقسم بِاللَّيْلِ وَظَلَامِهِ إِذَا أَقْبَلَ وَبِالْفَجْرِ وَضِيَائِهِ إِذَا أشرق كما قال تعالى: وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشى وَالنَّهارِ إِذا تَجَلَّى [اللَّيْلِ: ١- ٢] وقال تعالى: وَالضُّحى وَاللَّيْلِ إِذا سَجى [الضحى: ١- ٢] وَقَالَ تَعَالَى: فالِقُ الْإِصْباحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَناً [الْأَنْعَامِ: ٩٦] وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ، وَقَالَ كَثِيرٌ مِنْ عُلَمَاءِ الْأُصُولِ: إِنَّ لَفْظَةَ عَسْعَسَ تُسْتَعْمَلُ فِي الْإِقْبَالِ وَالْإِدْبَارِ عَلَى وَجْهِ الِاشْتِرَاكِ، فَعَلَى هَذَا يَصِحُّ أن يراد كل منهما والله أعلم. وقال ابْنُ جَرِيرٍ «٣» : وَكَانَ بَعْضُ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ بِكَلَامِ الْعَرَبِ يَزْعُمُ أَنَّ عَسْعَسَ دَنَا مِنْ أَوَّلِهِ وَأَظْلَمَ، وَقَالَ الْفَرَّاءُ: كَانَ أَبُو الْبِلَادِ النَّحْوِيُّ ينشد بيتا.

[السريع]

عسعس حتى لو يشا ادَّنَا ... كَانَ لَهُ مِنِ ضَوْئِهِ مَقْبِسُ «٤»

يُرِيدُ لَوْ يَشَاءُ إِذْ دَنَا أُدْغِمَ الذَّالَ فِي الدال، قال الفراء وكانوا يزعمون أن هذا البيت مصنوع وقوله


(١) تفسير الطبري ١٢/ ٤٧١. [.....]
(٢) البيت لعلقمة بن قرط في ديوانه ص ٢٨، والمحتسب ١/ ١٥٧، وتفسير الطبري ١٢/ ٤٧١، وتفسير البحر المحيط ٨/ ٤٢٢.
(٣) تفسير الطبري ١٢/ ٤٧١.
(٤) البيت لامرئ القيس في زيادات ديوانه ص ٤٦٣، والأضداد لابن الأنباري ص ٢٧، وبلا نسبة في تهذيب اللغة ١/ ٧٨، ولسان العرب (عسس) ، وكتاب العين ١/ ٧٤، وتاج العروس (عسس) ، ومقاييس اللغة ٤/ ٤٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>