ما الذي تجد؟ قال: فأومأ بيده إلى رأسه، قال: فأمر به علي فحلق رأسه، ثم دعا ببدنة فنحرها فإن كانت هذه الناقة عن الحلق، ففيه أنه نحرها دون مكة. وإن كانت عن التحلل فواضح.
وقوله ﴿فَإِذا أَمِنْتُمْ فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ﴾ أي فإذا تمكنتم من أداء المناسك فمن كان منكم متمتعا بالعمرة إلى الحج، وهو يشمل من أحرم بهما، أو أحرم بالعمرة أولا، فلما فرغ منها أحرم بالحج، وهذا هو التمتع الخاص، وهو المعروف في كلام الفقهاء، والتمتع العام يشمل القسمين، كما دلت عليه الأحاديث الصحاح، فإن من الرواة من يقول: تمتع رسول الله ﷺ وآخر يقول: قرن ولا خلاف أنه ساق هديا، وقال تعالى: ﴿فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ﴾ أي فليذبح ما قدر عليه من الهدي، وأقله شاة، وله أن يذبح البقر، لأن رسول الله ﷺ ذبح عن نسائه البقر، وقال الأوزاعي، عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة: أن رسول الله ﷺ ذبح البقر عن نسائه وكن متمتعات، رواه أبو بكر بن مردويه.
وفي هذا دليل على مشروعية التمتع، كما جاء في الصحيحين عن عمران بن حصين، قال:
نزلت آية المتعة في كتاب الله وفعلناها مع رسول الله ﷺ، ثم لم ينزل قرآن يحرمها ولم ينه عنها، حتى مات، قال رجل برأيه ما شاء. قال البخاري (١): يقال إنه عمر، وهذا الذي قاله البخاري قد جاء مصرحا به أن عمر كان ينهى الناس عن التمتع ويقول: إن نأخذ بكتاب الله فإن الله يأمر بالتمام، يعني قوله ﴿وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلّهِ﴾ وفي نفس والأمر لم يكن عمر ﵁ ينهى عنها محرما لها، إنما كان ينهى عنها ليكثر قصد الناس للبيت حاجين ومعتمرين، كما قد صرح به ﵁.
وقوله ﴿فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كامِلَةٌ﴾ يقول تعالى: فمن لم يجد هديا فليصم ثلاثة أيام في الحج، أي في أيام المناسك، قال العلماء:
والأولى أن يصومها قبل عرفة في العشر، قاله عطاء، أو من حين يحرم قاله ابن عباس وغيره لقوله في الحج، ومنهم من يجوز صيامها من أول شوال، قاله طاوس ومجاهد وغير واحد، وجوز الشعبي صيام يوم عرقة وقبله يومين، وكذا قال مجاهد وسعيد بن جبير والسدي وعطاء وطاوس والحكم والحسن وحماد وإبراهيم وأبو جعفر الباقر والربيع ومقاتل بن حيان، وقال العوفي عن ابن عباس: إذا لم يجد هديا فعليه صيام ثلاثة أيام في الحج قبل يوم عرفة، فإذا كان يوم عرفة الثالث، فقد تم صومه، وسبعة إذا رجع إلى أهله، وكذا روى أبو إسحاق عن وبرة عن ابن عمر قال: يصوم يوما قبل التروية، ويوم التروية، ويوم عرفة وكذا روى جعفر بن محمد عن أبيه، عن علي أيضا: