للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال أبو إسحاق السبيعي، عن عمرو بن ميمون: سألت عبد الله بن عمرو عن المشعر الحرام؟ فسكت حتى إذا هبطت أيدي رواحلنا بالمزدلفة، قال: أين السائل عن المشعر الحرام؟ هذا المشعر الحرام، وقال عبد الرزاق: أخبرنا معمر، عن الزهري، عن سالم، قال: قال ابن عمر: المشعر الحرام المزدلفة كلها. وقال هشيم، عن حجاج، عن نافع، عن ابن عمر: أنه سئل عن قوله ﴿فَاذْكُرُوا اللهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرامِ﴾ قال: فقال: هذا الجبل وما حوله. وقال عبد الرزاق: أخبرنا معمر عن المغيرة، عن إبراهيم، قال: فرآهم ابن عمر يزدحمون على قزح، فقال: على ما يزدحم هؤلاء؟! كل هاهنا مشعر. وروي عن ابن عباس وسعيد بن جبير وعكرمة ومجاهد والسدي والربيع بن أنس والحسن وقتادة أنهم قالوا: هو ما بين الجبلين. وقال ابن جريج: قلت لعطاء: أين المزدلفة؟ قال: إذا أفضت من مأزمي عرفة فذلك إلى محسر، قال:

وليس مأزمان عرفة من المزدلفة، ولكن مفاضاهما، قال: فقف بينهما إن شئت، قال: وأحب أن تقف دون قزح هلم إلينا من أجل طريق الناس.

(قلت) والمشاعر هي المعالم الظاهرة، وإنما سميت المزدلفة المشعر الحرام، لأنها داخل الحرم، وهل الوقوف بها ركن في الحج لا يصح إلا به، كما ذهب إليه طائفة من السلف وبعض أصحاب الشافعي منهم القفال وابن خزيمة لحديث عروة بن مضرس؟ أو واجب كما هو أحد قولي الشافعي يجبر بدم؟ أو مستحب لا يجب بتركه شيء كما هو القول الآخر؟ في ذلك ثلاثة أقوال للعلماء لبسطها موضع آخر غير هذا، والله أعلم.

وقال عبد الله بن المبارك، عن سفيان الثوري، عن زيد بن أسلم أن رسول الله ، قال «عرفة كلها موقف، وارفعوا عن عرنة، وجمع كلها موقف إلا محسرا» هذا حديث مرسل.

وقد قال الإمام أحمد (١): حدثنا أبو المغيرة، حدثنا سعيد بن عبد العزيز حدثني سليمان بن موسى عن جبير بن مطعم، عن النبي ، قال «كل عرفات موقف، وارفعوا عن عرنة، وكل مزدلفة موقف، وارفعوا عن محسر، وكل فجاج مكة منحر، وكل أيام التشريق ذبح» وهذا أيضا منقطع، فإن سليمان بن موسى هذا، وهو الأشدق، لم يدرك جبير بن مطعم، ولكن رواه الوليد بن مسلم وسويد بن عبد العزيز، عن سليمان، فقال الوليد، عن جبير بن مطعم عن أبيه، وقال سويد عن نافع بن جبير عن أبيه عن النبي فذكره، والله أعلم.

وقوله ﴿وَاذْكُرُوهُ كَما هَداكُمْ﴾ تنبيه لهم على ما أنعم الله به عليهم من الهداية والبيان والإرشاد إلى مشاعر الحج على ما كان عليه من الهداية إبراهيم الخليل ، ولهذا قال ﴿وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضّالِّينَ﴾ قيل: من قبل هذا الهدى وقبل القرآن وقبل الرسول، والكل متقارب ومتلازم وصحيح.


(١) مسند أحمد (ج ٤ ص ٨٢)

<<  <  ج: ص:  >  >>