المبارك عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة مرفوعا بنحوه أو مثله-وهذا إسناد جيد-، وكذا ورواه ابن جرير أيضا من طريق علي بن زيد بن جدعان عن امرأة أبيه أمينة أم محمد، عن عائشة عن النبي ﷺ بمثله، وهذا السياق مختصر من الحديث الذي رواه البخاري، حدثنا عمرو بن علي، حدثنا يحيى عن هشام بن عروة، حدثني أبي عن عائشة مرفوعا عن النبي ﷺ، وحدثنا عثمان بن أبي شيبة، حدثنا عبدة عن هشام بن عروة عن أبيه، عن عائشة، أن رفاعة القرظي تزوج امرأة ثم طلقها، فأتت النبي ﷺ فذكرت له إنه لا يأتيها وأنه ليس معه إلا مثل هدبة الثوب، فقال «لا حتى تذوقي عسيلته ويذوق عسيلتك» تفرد به من هذا الوجه.
طريق أخرى-قال الإمام أحمد (١): حدثنا عبد الأعلى عن معمر، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة، قالت: دخلت امرأة رفاعة القرظي وأنا وأبو بكر عند النبي ﷺ، فقالت: إن رفاعة طلقني البتة، وإن عبد الرحمن بن الزبير تزوجني، وإنما عنده مثل الهدبة، وأخذت هدبة من جلبابها، وخالد بن سعيد بن العاص بالباب لم يؤذن له، فقال: يا أبا بكر، ألا تنهى هذه عما تجهر به بين يدي رسول الله ﷺ، فما زاد رسول الله ﷺ عن التبسم، فقال رسول الله ﷺ«كأنك تريدين أن ترجعي إلى رفاعة، لا حتى تذوقي عسيلته ويذوق عسيلتك»، وهكذا رواه البخاري من حديث عبد الله بن المبارك ومسلم من حديث عبد الرزاق والنسائي من حديث يزيد بن زريع، ثلاثتهم عن معمر به، وفي حديث عبد الرزاق عند مسلم، أن رفاعة طلقها آخر ثلاث تطليقات، وقد رواه الجماعة إلا أبو داود من طريق سفيان بن عيينة والبخاري من طريق عقيل ومسلم من طريق يونس بن يزيد، وعنده آخر ثلاث تطليقات، والنسائي من طريق أيوب بن موسى، ورواه صالح بن أبي الأخضر، كلهم عن الزهري عن عروة عن عائشة به. وقال مالك، عن المسور بن رفاعة القرظي، عن الزبير بن عبد الرحمن بن الزبير: أن رفاعة بن سموأل طلق امرأته تميمة بنت وهب في عهد رسول الله ﷺ ثلاثا، فنكحت عبد الرحمن بن الزبير فاعترض عنها فلم يستطع أن يمسها ففارقها، فأراد رفاعة بن سموأل أن ينكحها وهو زوجها الأول الذي كان طلقها فذكر ذلك لرسول الله ﷺ فنهاه عن تزوجها، وقال «لا تحل لك حتى تذوق العسيلة» هكذا رواه أصحاب الموطأ عن مالك، وفيه انقطاع وقد رواه إبراهيم بن طهمان وعبد الله بن وهب عن مالك، عن رفاعة، عن الزبير بن عبد الرحمن بن الزبير، عن أبيه فوصله.
فصل: والمقصود من الزوج الثاني أن يكون راغبا في المرأة، قاصدا لدوام عشرتها، كما هو المشروع من التزويج، واشترط الإمام مالك مع ذلك، أن يطأها الثاني وطأ مباحا، فلو وطئها وهي محرمة أو صائمة أو معتكفة أو حائض أو نفساء أو الزوج صائم أو محرم أو معتكف لم تحل للأول بهذا الوطء، وكذا لو كان الزوج الثاني ذميا لم تحل للمسلم بنكاحه، لأن أنكحة الكفار باطلة عنده، واشترط الحسن البصري فيما حكاه عنه الشيخ أبو عمر بن عبد البر أن ينزل الزوج