للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال ابن أبي حاتم، حدثنا أبي، حدثنا أبو الوليد، حدثنا سليمان بن كثير، عن الزهري عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف عن أبيه، أن رسول الله ، نهى عن لونين من التمر: الجعرور (١) والحبيق، وكان الناس يتيممون شرار ثمارهم، ثم يخرجونها في الصدقة، فنزلت ﴿وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ﴾ ورواه أبو داود من حديث سفيان بن حسين عن الزهري، ثم قال: أسنده أبو الوليد عن سليمان بن كثير عن الزهري، ولفظه نهى رسول الله عن الجعرور ولون الحبيق، أن يؤخذ في الصدقة، وقد روى النسائي هذا الحديث من طريق عبد الجليل بن حميد اليحصبي، عن الزهري، عن أبي أمامة، ولم يقل عن أبيه، فذكر نحوه، وكذا رواه ابن وهب، عن عبد الجليل.

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا يحيى بن المغيرة، حدثنا جرير عن عطاء بن السائب، عن عبد الله بن مغفل، في هذه الآية ﴿وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ﴾ قال: كسب المسلم لا يكون خبيثا، ولكن لا يصدق بالحشف والدرهم الزيف (٢) وما لا خير فيه.

وقال الإمام أحمد (٣): حدثنا أبو سعيد، حدثنا حماد بن سلمة، عن حماد هو ابن أبي سليمان، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة، قالت: أتي رسول الله بضب، فلم يأكله ولم ينه عنه، قلت: يا رسول الله، نطعمه المساكين؟ قال «لا تطعموهم مما لا تأكلون». ثم رواه عن عفان عن حماد بن سلمة به؛ فقلت: يا رسول الله، ألا أطعمه المساكين؟ قال «لا تطعموهم مما لا تأكلون.

وقال الثوري، عن السدي، عن أبي مالك، عن البراء ﴿وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلاّ أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ﴾ يقول: لو كان لرجل على رجل فأعطاه ذلك، لم يأخذه إلا أن يرى أنه قد نقصه من حقه، رواه ابن جرير، وقال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس ﴿وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلاّ أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ﴾ يقول:

لو كان لكم على أحد حق فجاءكم بحق دون حقكم، لم تأخذوه بحساب الجيد حتى تنقصوه، قال فذلك قوله: ﴿إِلاّ أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ﴾ فكيف ترضون لي ما لا ترضون لأنفسكم، وحقي عليكم من أطيب أموالكم وأنفسه؟ رواه ابن أبي حاتم، وابن جرير، وزاد: وهو قوله: ﴿لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ حَتّى تُنْفِقُوا مِمّا تُحِبُّونَ﴾ [آل عمران: ٩٢] ثم روي من طريق العوفي وغيره، عن ابن عباس، نحو ذلك، وكذا ذكره غير واحد.

وقوله: ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ﴾ أي وإن أمركم بالصدقات وبالطيب منها، فهو غني عنها، وما ذاك إلا أن يساوي الغني الفقير، كقوله ﴿لَنْ يَنالَ اللهَ لُحُومُها وَلا دِماؤُها وَلكِنْ يَنالُهُ التَّقْوى مِنْكُمْ﴾


(١) الجعرور والحبيق: من أردأ أنواع التمر.
(٢) الدرهم الزيف، والدراهم الزيوف: التي تكون نسبة الفضة فيها منقوصة، أي أقل من المقدار الشرعي والمتعارف عليه.
(٣) المسند (ج ٦ ص ١٠٥)

<<  <  ج: ص:  >  >>