للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن الأعمش، عن أبي سفيان، عن أنس بن مالك، قال: قالوا: يا رسول الله، الحج في كل عام؟ قال «لو قلت نعم لوجبت، ولو وجبت لم تقوموا بها، ولو لم تقوموا بها، لعذبتم» (١).

وفي الصحيحين من حديث ابن جريج عن عطاء، عن جابر، عن سراقة بن مالك، قال:

يا رسول الله، متعتنا هذه لعامنا هذا، أم للأبد؟ قال «لا، بل للأبد». وفي رواية «بل لأبد الأبد».

وفي مسند الإمام أحمد وسنن أبي داود من حديث واقد بن أبي واقد الليثي عن أبيه أن رسول الله ، قال لنسائه في حجته هذه «ثم ظهور الحصر-يعني ثم الزمن ظهور الحصر- ولا تخرجن من البيوت».

وأما الاستطاعة فأقسام: تارة يكون الشخص مستطيعا بنفسه، وتارة بغيره كما هو مقرر في كتب الأحكام، قال أبو عيسى الترمذي: حدثنا عبد بن حميد، حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا إبراهيم بن يزيد، قال: سمعت محمد بن عباد بن جعفر يحدث عن ابن عمر ، قال: قام رجل إلى رسول الله فقال: من الحاج يا رسول الله؟ قال: «الشعث التفل» (٢)، فقام آخر فقال: أي الحج أفضل يا رسول الله؟ قال: «العج والثج» (٣)، فقام آخر فقال:

ما السبيل يا رسول الله؟ قال: «الزاد والراحلة»، وهكذا رواه ابن ماجة من حديث إبراهيم بن يزيد وهو الحوزي، قال الترمذي: ولا نعرفه إلا من حديثه، وقد تكلم فيه بعض أهل العلم من قبل حفظه، كذا قال هاهنا وقال في كتاب الحج: هذا حديث حسن. لا يشك أن هذا الإسناد رجاله كلهم ثقات سوى الحوزي هذا، وقد تكلموا فيه من أجل هذا الحديث، لكن قد تابعه غيره.

فقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا عبد العزيز بن عبد الله العامري، حدثنا محمد بن عبد الله بن عبيد بن عمير الليثي، عن محمد بن عباد بن جعفر، قال: جلست إلى عبد الله بن عمر، قال: جاء رجل إلى النبي فقال له: ما السبيل؟ قال «الزاد والراحلة» وهكذا رواه ابن مردويه من رواية محمد بن عبد الله بن عبيد بن عمير به ثم قال ابن أبي حاتم: وقد روي عن ابن عباس وأنس والحسن ومجاهد وعطاء وسعيد بن جبير والربيع بن أنس وقتادة نحو ذلك، وقد روي هذا الحديث من طرق أخرى من حديث أنس وعبد الله بن عباس وابن مسعود وعائشة كلها مرفوعة، ولكن في أسانيدها مقال كما هو مقرر في كتاب الأحكام، والله أعلم. وقد اعتنى الحافظ أبو بكر بن مردويه بجمع طرق هذا الحديث.


(١) سنن ابن ماجة (مناسك باب ٢)
(٢) الشعث التّفل: الذي ترك استعمال الطيب.
(٣) العجّ: رفع الصوت بالتلبية. والثّج: سيلان دماء الهدي والأضاحي.

<<  <  ج: ص:  >  >>