للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقيل هي اسم من أسماء الله تعالى، فقال الشعبي: فواتح السور من أسماء الله تعالى.

وكذلك قال سالم بن عبد الله وإسماعيل بن عبد الرحمن السدي الكبير وقال شعبة عن السدي:

بلغني أن ابن عباس قال: الم اسم من أسماء الله الأعظم. هكذا رواه ابن أبي حاتم من حديث شعبة ورواه ابن جرير عن بندار عن ابن مهدي عن شعبة قال: سألت السدي عن حم وطس والم فقال ابن عباس: هي اسم الله الأعظم. وقال ابن جرير (١): وحدثنا محمد بن المثنى حدّثنا أبو النعمان حدّثنا شعبة عن إسماعيل السدي عن مرة الهمداني قال: قال عبد الله فذكر نحوه. وحكى مثله عن علي وابن عباس. وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: هو قسم أقسم الله به، وهو من أسماء الله تعالى. وروى ابن أبي حاتم وابن جرير من حديث ابن علية عن خالد الحذاء عن عكرمة أنه قال: الم قسم (٢). ورويا أيضا من حديث شريك بن عبد الله عن عطاء بن السائب عن أبي الضحى عن ابن عباس، الم قال: أنا الله أعلم (٣)، وكذا قال سعيد بن جبير وقال السدي عن أبي مالك. وعن أبي صالح عن ابن عباس وعن مرة الهمداني عن ابن مسعود وعن ناس من أصحاب النبي الم قال: أما الم فهي حروف استفتحت (٤) من حروف هجاء أسماء الله تعالى.

وقال أبو جعفر الرازي عن الربيع بن أنس عن أبي العالية في قوله تعالى الم قال: هذه الأحرف الثلاثة من التسعة والعشرين حرفا دارت فيها الألسن كلها ليس منها حرف إلا وهو مفتاح اسم من أسمائه، وليس منها حرف إلا وهو من آلائه، وبلائه: وليس منها حرف إلا وهو في مدة أقوام وآجالهم. قال عيسى ابن مريم وعجب فقال: أعجب أنهم ينطقون بأسمائه ويعيشون في رزقه فكيف يكفرون به، فالألف مفتاح اسم الله واللام مفتاح اسمه لطيف والميم مفتاح اسمه مجيد فالألف آلاء الله واللام لطف الله والميم مجد الله، الألف سنة واللام ثلاثون سنة والميم أربعون سنة.

هذا لفظ ابن أبي حاتم. ونحوه رواه ابن جرير ثم شرع يوجه كل واحد من هذه الأقوال ويوفق بينها وأنه لا منافاة بين كل واحد منها وبين الآخر وأن الجمع ممكن فهي أسماء للسور ومن أسماء الله تعالى يفتتح بها السور فكل حرف منها دل على اسم من أسمائه وصفة من صفاته كما افتتح سورا كثيرة بتحميده وتسبيحه وتعظيمه، قال: ولا مانع من دلالة الحرف منها على اسم من أسماء الله وعلى صفة من صفاته وعلى مدة وغير ذلك كما ذكره الربيع بن أنس عن أبي العالية لأن الكلمة الواحدة تطلق على معاني كثيرة كلفظة الأمة فإنها تطلق ويراد بها الدين كقوله تعالى ﴿إِنّا وَجَدْنا آباءَنا عَلى أُمَّةٍ﴾ [الزخرف: ٢٢] وتطلق ويراد بها الرجل المطيع لله كقوله تعالى ﴿إِنَّ إِبْراهِيمَ كانَ أُمَّةً قانِتاً لِلّهِ حَنِيفاً وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾ [النحل: ١٢٠] وتطلق ويراد بها الجماعة كقوله تعالى ﴿وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النّاسِ يَسْقُونَ﴾ [القصص: ٢٣] وقوله تعالى ﴿وَلَقَدْ بَعَثْنا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً﴾


(١) تفسير الطبري ١/ ١١٩.
(٢) تفسير الطبري ١/ ١١٩.
(٣) تفسير الطبري ١/ ١١٩.
(٤) في الدر المنثور «اشتقّت».

<<  <  ج: ص:  >  >>