للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالت لي عائشة: يا بنيّ إن أباك من الذين استجابوا لله والرسول من بعد ما أصابهم القرح، ثم قال: صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه.

وقال أبو بكر بن مردويه: حدثنا عبد الله بن جعفر من أصل كتابه، أنبأنا سمويه، أنبأنا عبد الله بن الزبير، أنبأنا سفيان، أنبأنا هشام عن أبيه، عن عائشة ، قالت: قال لي رسول الله : «إن كان أبواك لمن الذين استجابوا لله والرسول من بعد ما أصابهم القرح أبو بكر والزبير »، ورفع هذا الحديث خطأ محض من جهة إسناده لمخالفته رواية الثقات من وقفه على عائشة كما قدمناه، ومن جهة معناه فإن الزبير ليس هو من آباء عائشة، وإنما قالت ذلك عائشة لعروة بن الزبير، لأنه ابن أختها أسماء بنت أبي بكر الصديق .

وقال ابن جرير (١): حدثني محمد بن سعد، حدثني أبي، حدثني عمي، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قال: إن الله قذف في قلب أبي سفيان الرعب يوم أحد بعد ما كان منه ما كان، فرجع إلى مكة، فقال النبي «إن أبا سفيان قد أصاب منكم طرفا، وقد رجع وقذف الله في قلبه الرعب»، وكانت وقعة أحد في شوال، وكان التجار يقدمون المدينة في ذي القعدة، فينزلون ببدر الصغرى في كل سنة مرة، وإنهم قدموا بعد وقعة أحد، وكان أصاب المؤمنين القرح، واشتكوا ذلك إلى النبي واشتد عليهم الذي أصابهم، وإن رسول الله ندب الناس لينطلقوا معه ويتبعوا ما كانوا متبعين، وقال «إنما يرتحلون الآن فيأتون الحج، ولا يقدرون على مثلها حتى عام مقبل» فجاء الشيطان فخوّف أولياءه، فقال: إن الناس قد جمعوا لكم، فأبى عليه الناس أن يتبعوه، فقال «إني ذاهب وإن لم يتبعني أحد لأحضض الناس» فانتدب معه أبو بكر الصديق وعمر وعثمان وعلي والزبير وسعد وطلحة وعبد الرحمن بن عوف وعبد الله بن مسعود وحذيفة بن اليمان وأبو عبيدة بن الجراح في سبعين رجلا، فساروا في طلب أبي سفيان فطلبوه حتى بلغوا الصفراء، فأنزل الله تعالى: ﴿الَّذِينَ اسْتَجابُوا لِلّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ ما أَصابَهُمُ الْقَرْحُ﴾ الآية.

ثم قال ابن إسحاق (٢): فخرج رسول الله حتى انتهى إلى حمراء الأسد، وهي من المدينة على ثمانية أميال، قال ابن هشام: واستعمل على المدينة ابن أم مكتوم، فأقام بها الاثنين والثلاثاء والأربعاء، ثم رجع إلى المدينة، وقد مر به-كما حدثني عبد الله بن أبي بكر- معبد بن أبي معبد الخزاعي، وكانت خزاعة مسلمهم ومشركهم عيبة (٣) نصح لرسول الله


(١) تفسير الطبري ٣/ ٥١٩.
(٢) سيرة ابن هشام ٢/ ١٠١ - ١٠٢.
(٣) عيبة نصح لرسول الله: موضع سرّه.

<<  <  ج: ص:  >  >>