للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين، عن أبيه، عن علي بن أبي طالب ، قال: لما توفي النبي وجاءت التعزية، جاءهم آت يسمعون حسه ولا يرون شخصه، فقال:

السلام عليكم أهل البيت ورحمة الله وبركاته ﴿كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ، وَإِنَّما تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ﴾ إن في الله عزاء من كل مصيبة، وخلفا من كل هالك، ودركا من كل فائت، فبالله فثقوا، وإياه فارجوا، فإن المصاب من حرم الثواب، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. قال جعفر بن محمد: فأخبرني أبي أن علي بن أبي طالب قال: أتدرون من هذا؟ هذا الخضر .

وقوله: ﴿فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فازَ﴾ أي من جنب النار ونجا منها وأدخل الجنة فقد فاز كل الفوز. قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا محمد بن عبد الله الأنصاري حدثنا محمد بن عمرو بن علقمة عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله «موضع سوط في الجنة خير من الدنيا وما فيها، اقرءوا إن شئتم ﴿فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فازَ﴾» هذا حديث ثابت في الصحيحين، من غير هذا الوجه بدون هذه الزيادة، وقد رواه بدون هذه الزيادة أبو حاتم، وابن حبان في صحيحه والحاكم في مستدركه، ومن حديث محمد بن عمرو هذا ورواه ابن مردويه من وجه آخر، فقال: حدثنا محمد بن أحمد بن إبراهيم، حدثنا محمد بن يحيى، أنبأنا حميد بن مسعدة أنبأنا عمرو بن علي عن أبي حازم، عن سهل بن سعد، قال: قال رسول الله «لموضع سوط أحدكم في الجنة خير من الدنيا وما فيها» قال: ثم تلا هذه الآية ﴿فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فازَ﴾ (١).

وتقدم عند قوله تعالى: ﴿وَلا تَمُوتُنَّ إِلاّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ [البقرة: ١٣٢] ما رواه الإمام أحمد (٢) عن وكيع بن الجراح عن الأعمش، عن زيد بن وهب. عن عبد الرحمن بن عبد رب الكعبة، عن عبد الله بن عمرو بن العاص، قال: قال رسول الله «من أحب أن يزحزح عن النار وأن يدخل الجنة فلتدركه منيته وهو يؤمن بالله واليوم الآخر، وليأت إلى الناس ما يحب أن يؤتى إليه».

وقوله تعالى: ﴿وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلاّ مَتاعُ الْغُرُورِ﴾ تصغير لشأن الدنيا، وتحقير لأمرها، وأنها دنيئة فانية، قليلة زائلة، كما قال تعالى: ﴿بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَياةَ الدُّنْيا وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقى﴾ [الأعلى: ١٧] وقال تعالى ﴿وَما أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا وَزِينَتُها وَما عِنْدَ اللهِ خَيْرٌ وَأَبْقى﴾ [الشورى: ٣٦] وفي الحديث «والله ما الدنيا في الآخرة إلا كما يغمس أحدكم إصبعه في اليم، فلينظر بم ترجع إليه» وقال قتادة في قوله تعالى: ﴿وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلاّ مَتاعُ الْغُرُورِ﴾ قال: هي متاع متروكة أوشكت-والله الذي لا إله إلا هو-أن تضمحل عن أهلها، فخذوا من


(١) راجع تفسير الآية ١٠٢ من هذه السورة.
(٢) مسند أحمد ٢/ ١٩١.

<<  <  ج: ص:  >  >>