للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إسباغ الوضوء على المكاره (١)، وكثرة الخطا إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة، فذلكم الرباط، فذلكم الرباط، فذلكم الرباط» (٢). وقال ابن مردويه: حدثنا محمد بن أحمد، حدثنا موسى بن إسحاق، حدثنا أبو جحيفة علي بن يزيد الكوفي، أنبأنا ابن أبي كريمة عن محمد بن يزيد، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، قال: أقبل عليّ أبو هريرة يوما، فقال: أتدري يا ابن أخي فيم نزلت هذه الآية: ﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصابِرُوا وَرابِطُوا﴾ قلت: لا.

قال: أما إنه لم يكن في زمان النبي غزو يرابطون فيه، ولكنها نزلت في قوم يعمرون المساجد ويصلون الصلاة في مواقيتها، ثم يذكرون الله فيها، فعليهم أنزلت ﴿اِصْبِرُوا﴾ أي على الصلوات الخمس، ﴿وَصابِرُوا﴾ أنفسكم وهواكم، ﴿وَرابِطُوا﴾ في مساجدكم، ﴿وَاتَّقُوا اللهَ﴾ فيما عليكم، ﴿لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾. وهكذا رواه الحاكم في مستدركه من طريق سعيد بن منصور ابن المبارك عن مصعب بن ثابت، عن داود بن صالح، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة بنحوه.

وقال ابن جرير (٣): حدثني أبو السائب، حدثني ابن فضيل عن عبد الله بن سعيد المقبري، عن جده، عن شرحبيل، عن علي ، قال: قال رسول الله «ألا أدلكم على ما يكفر الذنوب والخطايا؟ إسباغ الوضوء على المكاره، وانتظار الصلاة بعد الصلاة، فذلكم الرباط»، وقال ابن جرير أيضا: حدثني موسى بن سهل الرملي، حدثنا يحيى بن واضح، حدثنا محمد بن مهاجر، حدثني يحيى بن يزيد عن زيد بن أبي أنيسة، عن شرحبيل، عن جابر بن عبد الله، قال: قال رسول الله «ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا ويكفر به الذنوب»؟ قلنا: بلى يا رسول الله. قال «إسباغ الوضوء في أماكنها، وكثرة الخطا إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة، فذلكم الرباط».

وقال ابن مردويه: حدثنا محمد بن علي، أنبأنا محمد بن عبد الله بن السلام البيروتي، أنبأنا محمد بن غالب الأنطاكي، أنبأنا عثمان بن عبد الرحمن، أنبأنا الوازع بن نافع عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن أبي أيوب ، قال: وقفه علينا رسول الله فقال «هل لكم إلى ما يمحو الله به الذنوب ويعظم به الأجر؟» قلنا: نعم يا رسول الله، وما هو؟ قال «إسباغ الوضوء على المكاره، وكثرة الخطا إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة». قال:

وهو قوله الله تعالى ﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصابِرُوا وَرابِطُوا وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ فذلك هو الرباط في المساجد، وهذا حديث غريب من هذا الوجه جدا.

وقال عبد الله بن المبارك عن مصعب بن ثابت بن عبد الله بن الزبير، حدثني داود بن


(١) أي أن يتوضأ بالرغم من كونه يتأذى بهذا الوضوء، كأن يكون به مرض أو حاجة إلى الماء.
(٢) صحيح مسلم (طهارة حديث ٤١) وسنن الترمذي (طهارة باب ٣٩) وسنن النسائي (طهارة: باب ١٠٦) وموطأ مالك (سفر حديث ٥٥)
(٣) تفسير الطبري ٣/ ٥٦٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>