للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَخْبَرَنِي شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنُ أَبِي نَمِرٍ عن كريب، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: بِتُّ عِنْدَ خَالَتِي مَيْمُونَةَ، فَتَحَدَّثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ أَهْلِهِ سَاعَةً ثُمَّ رَقَدَ، فَلَمَّا كَانَ ثُلُثُ اللَّيْلِ الْآخِرِ قَعَدَ فَنَظَرَ إِلَى السَّمَاءِ، فَقَالَ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ لَآياتٍ لِأُولِي الْأَلْبابِ الآيات، ثُمَّ قَامَ فَتَوَضَّأَ وَاسْتَنَّ «١» ، فَصَلَّى إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً، ثُمَّ أَذَّنَ بِلَالٌ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ خرج فصلى بالناس الصبح. وَهَكَذَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ إِسْحَاقَ الصَّنْعَانِيِّ، عَنِ ابْنِ أَبِي مَرْيَمَ بِهِ. ثُمَّ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ «٢» مِنْ طُرُقٍ عَنْ مَالِكٍ، عن مخرمة بن سليمان، عن كريب أن ابن عباس أخبره أَنَّهُ بَاتَ عِنْدَ مَيْمُونَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهِيَ خَالَتُهُ، قَالَ:

فَاضْطَجَعْتُ فِي عَرْضِ الْوِسَادَةِ، وَاضْطَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَهْلُهُ فِي طُولِهَا، فَنَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حتى إذا انتصف الليل أو قبله أَوْ بَعْدَهُ بِقَلِيلٍ، اسْتَيْقَظَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ مَنَامِهِ فَجَعَلَ يَمْسَحُ النَّوْمَ عَنْ وَجْهِهِ بِيَدِهِ، ثُمَّ قَرَأَ الْعَشْرَ الْآيَاتِ الْخَوَاتِيمَ مِنْ سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ، ثُمَّ قَامَ إِلَى شَنٍّ مُعَلَّقَةٍ فَتَوَضَّأَ مِنْهَا، فَأَحْسَنَ وُضُوءَهُ، ثُمَّ قَامَ يُصَلِّي. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: فَقُمْتُ فَصَنَعْتُ مِثْلَ مَا صَنَعَ، ثُمَّ ذَهَبْتُ فَقُمْتُ إِلَى جَنْبِهِ، فَوَضَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى رَأْسِي، وَأَخَذَ بِأُذُنِي الْيُمْنَى يَفْتِلُهَا، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ أَوْتَرَ، ثُمَّ اضْطَجَعَ حَتَّى جَاءَهُ الْمُؤَذِّنُ، فَقَامَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ، ثُمَّ خَرَجَ فَصَلَّى الصُّبْحَ.

وَهَكَذَا أَخْرَجَهُ بَقِيَّةُ الْجَمَاعَةِ مِنْ طُرُقٍ عَنْ مَالِكٍ بِهِ. وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ أَيْضًا وَأَبُو دَاوُدَ مِنْ وُجُوهٍ أُخَرَ عَنْ مَخْرَمَةَ بْنِ سُلَيْمَانَ بِهِ.

طَرِيقٌ أُخْرَى: لِهَذَا الْحَدِيثِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: قَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ مَرْدَوَيْهِ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بن أحمد بن محمد بن علي، حدثنا أَبُو يَحْيَى بْنُ أَبِي مَسَرَّةَ، أَنْبَأَنَا خَلَّادُ بْنُ يَحْيَى، أَنْبَأَنَا يُونُسُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: أَمَرَنِي الْعَبَّاسُ أَنْ أَبِيتَ بِآلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَحْفَظُ صَلَاتَهُ. قَالَ: فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالنَّاسِ صَلَاةَ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ حَتَّى إِذَا لَمْ يَبْقَ فِي الْمَسْجِدِ أَحَدٌ غَيْرُهُ، قَامَ فَمَرَّ بِي، فَقَالَ: مَنْ هَذَا؟ عبد الله؟ قلت: نَعَمْ، قَالَ: فَمَهْ «٣» ؟ قُلْتُ: أَمَرَنِي الْعَبَّاسُ أَنْ أَبِيتَ بِكُمُ اللَّيْلَةَ. قَالَ: «فَالْحَقِ الْحَقْ» فَلَمَّا أَنْ دَخَلَ قَالَ: افْرِشَنْ عَبْدَ اللَّهِ؟ فَأَتَى بِوِسَادَةٍ مِنْ مُسُوحٍ.

قَالَ: فَنَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهَا حَتَّى سَمِعْتُ غَطِيطَهُ، ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى فِرَاشِهِ قَاعِدًا، قَالَ: فَرَفَعَ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ فَقَالَ «سُبْحَانَ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ» ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَاتِ مِنْ آخِرِ سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ حَتَّى خَتَمَهَا. وَقَدْ رَوَى مُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ عَنْ أبيه حديثا في ذلك أيضا.


(١) استنّ: استاك.
(٢) صحيح البخاري (تفسير سورة آل عمران باب ١٩) .
(٣) فمه: أي فماذا؟ وهي م؟ الاستفهامية، والهاء الساكنة زائدة للوقف على السؤال.

<<  <  ج: ص:  >  >>