للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بما استحللت من فرجها، وإن كنت كذبت عليها فهو أبعد لك منها». في سنن أبي داود وغيره عن بصرة بن أكتم أنه تزوج امرأة بكرا في خدرها، فإذا هي حامل من الزنا، فأتى رسول الله فذكر ذلك له، فقضى لها بالصداق، وفرق بينهما، وأمر بجلدها، وقال «الولد عبد لك.

فالصداق في مقابلة البضع» ولهذا قال تعالى ﴿وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضى بَعْضُكُمْ إِلى بَعْضٍ﴾.

وقال تعالى: ﴿وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثاقاً غَلِيظاً﴾ روي عن ابن عباس ومجاهد وسعيد بن جبير، أن المراد بذلك العقد. وقال سفيان الثوري عن حبيب بن أبي ثابت عن ابن عباس في قوله ﴿وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثاقاً غَلِيظاً﴾ قال: إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان. قال ابن أبي حاتم:

وروي عن عكرمة ومجاهد وأبي العالية والحسن وقتادة ويحيى بن أبي كثير والضحاك والسدي، نحو ذلك. وقال أبو جعفر الرازي عن الربيع بن أنس في الآية: هو قوله «أخذتموهن بأمانة الله، واستحللتم فروجهن بكلمة الله» فإن كلمة الله هي التشهد في الخطبة، قال: وكان فيما أعطي النبي ليلة أسري به، قال له «جعلت أمتك لا تجوز لهم خطبة حتى يشهدوا أنك عبدي ورسولي» رواه ابن أبي حاتم، وفي صحيح مسلم عن جابر في خطبة حجة الوداع أن النبي قال فيها «واستوصوا بالنساء خيرا فإنكم أخذتموهن بأمانة الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله» (١).

وقال تعالى: ﴿وَلا تَنْكِحُوا ما نَكَحَ آباؤُكُمْ مِنَ النِّساءِ﴾ الآية، يحرم الله تعالى زوجات الآباء تكرمة لهم، وإعظاما واحتراما أن توطأ من بعده، حتى إنها لتحرم عن الابن بمجرد العقد عليها، وهذا أمر مجمع عليه. قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا مالك بن إسماعيل، حدثنا قيس بن الربيع حدثنا أشعث بن سوار عن عدي بن ثابت، عن رجل من الأنصار، قال: لما توفي أبو قيس-يعني ابن الأسلت-وكان من صالحي الأنصار، فخطب ابنه قيس امرأته، فقالت: إنما أعدك ولدا وأنت من صالحي قومك، ولكن آتي رسول الله فاستأمره فأتت رسول الله ، فقالت: إن أبا قيس توفي، فقال «خيرا» ثم قالت: إن ابنه قيسا خطبني، وهو من صالحي قومه. وإنما كنت أعده ولدا فما ترى؟ فقال لها «ارجعي إلى بيتك»، قال: فنزلت ﴿وَلا تَنْكِحُوا ما نَكَحَ آباؤُكُمْ مِنَ النِّساءِ﴾ الآية، وقال ابن جرير (٢): حدثنا القاسم، حدثنا حسين، حدثنا حجاج عن ابن جريج، عن عكرمة في قوله ﴿وَلا تَنْكِحُوا ما نَكَحَ آباؤُكُمْ مِنَ النِّساءِ إِلاّ ما قَدْ سَلَفَ﴾ قال: نزلت في أبي قيس بن الأسلت خلف على أم عبيد الله بنت صخر، وكانت تحت الأسلت أبيه وفي الأسود بن خلف، وكان خلف على ابنة أبي طلحة بن عبد العزى بن عثمان بن عبد الدار، وكان عند أبيه خلف، وفي فاختة ابنة الأسود بن المطلب بن أسد كانت عند أمية بن خلف، فخلف عليها صفوان بن أمية.


(١) صحيح مسلم (حج حديث ١٤٧)
(٢) تفسير الطبري ٣/ ٦٦٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>