وروى هشام عن قتادة: بنت الربيبة وبنت ابنتها لا تصلح وإن كانت أسفل ببطون كثيرة، وكذا قال قتادة عن أبي العالية.
ومعنى قوله ﴿اللاّتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ﴾ أي نكحتموهن، قاله ابن عباس وغير واحد. وقال ابن جريج عن عطاء: هو أن تهدى إليه فيكشف ويفتش ويجلس بين رجليها. وقلت: أرأيت إن فعل ذلك في بيت أهلها؟ قال: هو سواء، وحسبه قد حرم ذلك عليه ابنتها.
وقال ابن جرير (١): وفي إجماع الجميع على أن خلوة الرجل بامرأة لا يحرّم ابنتها عليه إذا طلقها قبل مسيسها ومباشرتها أو قبل النظر إلى فرجها بشهوة ما يدل على أن معنى ذلك هو الوصول إليها بالجماع.
وقوله تعالى: ﴿وَحَلائِلُ أَبْنائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ﴾ أي وحرمت عليكم زوجات أبنائكم الذين ولدتموهم من أصلابكم، يحترز بذلك عن الأدعياء الذين كانوا يتبنونهم في الجاهلية.
كما قال تعالى: ﴿فَلَمّا قَضى زَيْدٌ مِنْها وَطَراً زَوَّجْناكَها لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْواجِ أَدْعِيائِهِمْ﴾ [الأحزاب: ٣٧]، وقال ابن جريج: سألت عطاء عن قوله ﴿وَحَلائِلُ أَبْنائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ﴾. قال: كنا نحدث-والله أعلم-أن النبي ﷺ لما نكح امرأة زيد، قال المشركون بمكة في ذلك، فأنزل الله ﷿: ﴿وَحَلائِلُ أَبْنائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ﴾ ونزلت ﴿وَما جَعَلَ أَدْعِياءَكُمْ أَبْناءَكُمْ﴾ [الأحزاب: ٤]، ونزلت ﴿ما كانَ مُحَمَّدٌ أَبا أَحَدٍ مِنْ رِجالِكُمْ﴾ [الأحزاب:٤٠].
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبو زرعة، حدثنا محمد بن أبي بكر المقدمي، حدثنا الجرح بن الحارث عن الأشعث، عن الحسن بن محمد: أن هؤلاء الآيات مبهمات ﴿وَحَلائِلُ أَبْنائِكُمُ﴾ ﴿وَأُمَّهاتُ نِسائِكُمْ﴾، ثم قال: وروي عن طاوس وإبراهيم والزهري ومكحول، نحو ذلك.
(قلت) معنى مبهمات أي عامة في المدخول بها وغير المدخول، فتحرم بمجرد العقد عليها، وهذا متفق عليه، فإن قيل: فمن أين تحرم امرأة ابنه من الرضاعة كما هو قول الجمهور، ومن الناس من يحكيه إجماعا وليس من صلبه، فالجواب من قوله ﷺ«يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب».
وقوله تعالى: ﴿وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلاّ ما قَدْ سَلَفَ﴾ الآية. أي وحرم عليكم الجمع بين الأختين معا في التزويج، وكذا في ملك اليمين إلا ما كان منكم في جاهليتكم فقد عفونا عنه وغفرناه. فدل على أنه لا مثنوية فيما يستقبل ولا استثناء فيما سلف، كما قال ﴿لا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلاَّ الْمَوْتَةَ الْأُولى﴾ [الدخان: ٥٦] فدل على أنهم لا يذوقون فيها الموت أبدا، وقد أجمع العلماء من الصحابة والتابعين والأئمة قديما وحديثا على أنه يحرم الجمع بين الأختين