للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سَلَمَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ «لَا حِلْفَ فِي الْإِسْلَامِ، وَمَا كَانَ مِنْ حِلْفٍ فِي الْجَاهِلِيَّةِ لَمْ يَزِدْهُ الْإِسْلَامُ إِلَّا شِدَّةً» .

وَحَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ عَنْ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جده، قَالَ: لَمَّا دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكَّةَ عَامَ الْفَتْحِ، قَامَ خَطِيبًا فِي النَّاسِ فَقَالَ «يَا أَيُّهَا النَّاسُ مَا كَانَ مِنْ حِلْفٍ فِي الْجَاهِلِيَّةِ لَمْ يَزِدْهُ الْإِسْلَامُ إِلَّا شِدَّةً، وَلَا حِلْفَ فِي الْإِسْلَامِ» ثُمَّ رَوَاهُ مِنْ حَدِيثِ حُسَيْنٍ الْمُعَلِّمِ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ بِهِ.

وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ «١» : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ وَأَبُو أُسَامَةَ عَنْ زَكَرِيَّا، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «لَا حِلْفَ فِي الْإِسْلَامِ وَأَيُّمَا حِلْفٍ كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ لَمْ يزده الْإِسْلَامُ إِلَّا شِدَّةً» . وَهَكَذَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ عبد الله بن محمد وهو أبو بكر بْنُ أَبِي شَيْبَةَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ، وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ عَنْ عُثْمَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ بِشْرٍ وَابْنِ نُمَيْرِ وَأَبِي أُسَامَةَ، ثَلَاثَتُهُمْ عَنْ زَكَرِيَّا وَهُوَ ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ، وَرَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ مِنْ حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ بِشْرٍ بِهِ. وَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ إِسْحَاقَ بْنِ يُوسُفَ الْأَزْرَقِ عَنْ زَكَرِيَّا، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، عَنْ أَبِيهِ بِهِ.

وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ «٢» : حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، قَالَ: أخبرنا مُغِيرَةُ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ شُعْبَةَ بْنِ التَّوْأَمِ، عن قيس بن عاصم أنه سأله النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْحِلْفِ فقال «ما كان حِلْفٍ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَتَمَسَّكُوا بِهِ، وَلَا حِلْفَ فِي الْإِسْلَامِ» وَكَذَا رَوَاهُ شُعْبَةُ عَنْ مُغِيرَةَ وَهُوَ ابْنُ مِقْسَمٍ عَنْ أَبِيهِ بِهِ.

وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ، قَالَ: كُنْتُ أَقْرَأُ عَلَى أُمِّ سَعْدٍ بِنْتِ سعد بن الرَّبِيعِ مَعَ ابْنِ ابْنِهَا مُوسَى بْنِ سَعْدٍ وَكَانَتْ يَتِيمَةً فِي حِجْرِ أَبِي بَكْرٍ، فَقَرَأْتُ عليها والذين عاقدت أَيْمَانُكُمْ فَقَالَتْ: لَا وَلَكِنْ وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمانُكُمْ قَالَتْ: إِنَّمَا نَزَلَتْ فِي أَبِي بَكْرٍ وَابْنِهِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ حِينَ أَبَى أَنْ يُسْلِمَ، فَحَلَفَ أَبُو بَكْرٍ أَنْ لَا يُوَرِّثَهُ، فَلَمَّا أَسْلَمَ حِينَ حُمِلَ عَلَى الْإِسْلَامِ بِالسَّيْفِ، أَمَرَ اللَّهُ أَنْ يُؤْتِيَهُ نَصِيبَهُ، رَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَهَذَا قَوْلٌ غَرِيبٌ، وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ، وَأَنَّ هَذَا كَانَ فِي ابْتِدَاءِ الْإِسْلَامِ يَتَوَارَثُونَ بِالْحِلْفِ ثُمَّ نُسِخَ وَبَقِيَ تَأْثِيرُ الْحِلْفِ بَعْدَ ذَلِكَ، وَإِنْ كانوا قد أمروا أن يوفوا بالعهود والعقود، والحلف الذي كانوا قد تعاقدوه قبل ذلك، وتقدم فِي حَدِيثِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ وَغَيْرِهِ مِنَ الصَّحَابَةِ: لَا حِلْفَ فِي الْإِسْلَامِ، وَأَيُّمَا حِلْفٌ كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ لَمْ يَزِدْهُ الْإِسْلَامُ إِلَّا شِدَّةً، وهذا نص في الرد على من ذَهَبَ إِلَى التَّوَارُثِ بِالْحِلْفِ الْيَوْمَ، كَمَا هُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ، وَرِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ بن حنبل.

وَالصَّحِيحُ قَوْلُ الْجُمْهُورِ وَمَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ فِي المشهور عنه، ولهذا قال تعالى:


(١) مسند أحمد ٤/ ٨٣.
(٢) مسند أحمد ٥/ ٦١.

<<  <  ج: ص:  >  >>