للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

زيد بن أسلم: هو جليسك في الحضر ورفيقك في السفر، وأما ابن السبيل، فعن ابن عباس وجماعة: هو الضيف، وقال مجاهد وأبو جعفر الباقر والحسن والضحاك ومقاتل: هو الذي يمر عليك مجتازا في السفر، وهذا أظهر، وإن كان مراد القائل بالضيف المار في الطريق، فهما سواء، وسيأتي الكلام على أبناء السبيل في سورة براءة، وبالله الثقة وعليه التكلان.

وقوله تعالى: ﴿وَما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ﴾ وصية بالأرقاء، لأن الرقيق ضعيف الحيلة أسير في أيدي الناس، فلهذا ثبت أن رسول الله جعل يوصي أمته في مرض الموت، يقول «الصلاة الصلاة وما ملكت أيمانكم» فجعل يرددها حتى ما يفيض بها لسانه، وقال الإمام أحمد (١):

حدثنا إبراهيم بن أبي العباس، حدثنا بقية، حدثنا بحير بن سعد عن خالد بن معدان، عن المقدام بن معد يكرب، قال: قال رسول الله «ما أطعمت نفسك فهو لك صدقة، وما أطعمت ولدك فهو لك صدقة، وما أطعمت زوجتك فهو لك صدقة، وما أطعمت خادمك فهو لك صدقة» ورواه النسائي من حديث بقية، وإسناده صحيح، ولله الحمد.

وعن عبد الله بن عمرو أنه قال لقهرمان له: هل أعطيت الرقيق قوتهم؟ قال: لا. قال:

فانطلق فأعطهم، فإن رسول الله قال: «كفى بالمرء إثما أن يحبس عمن يملك قوتهم» رواه مسلم (٢). وعن أبي هريرة عن النبي قال: «للمملوك طعامه وكسوته، ولا يكلف من العمل إلا ما يطيق» رواه مسلم (٣) أيضا وعن أبي هريرة، عن النبي ، قال «إذا أتى أحدكم خادمه بطعامه فإن لم يجلسه معه فليناوله لقمة أو لقمتين، أو أكلة أو أكلتين، فإنه ولي حره وعلاجه» (٤) أخرجاه، ولفظه للبخاري ولمسلم: «فليقعده معه فليأكل، فإن كان الطعام مشفوها قليلا، فليضع في يده أكلة أو أكلتين». وعن أبي ذر ،. عن النبي قال «هم إخوانكم خولكم جعلهم الله تحت أيديكم، فمن كان أخوه تحت يده فليطعمه مما يأكل، وليلبسه مما يلبس، ولا تكلفوهم ما يغلبهم، فإن كلفتموهم فأعينوهم» أخرجاه (٥).

وقوله تعالى: ﴿إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ مَنْ كانَ مُخْتالاً فَخُوراً﴾، أي مختالا في نفسه، معجبا متكبرا فخورا على الناس، يرى أنه خير منهم فهو في نفسه كبير، وهو عند الله حقير، وعند الناس بغيض، قال مجاهد في قوله ﴿إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ مَنْ كانَ مُخْتالاً﴾ يعني متكبرا ﴿فَخُوراً﴾ يعني يعدّ ما أعطى، وهو لا يشكر الله تعالى يعني يفخر على الناس بما أعطاه الله من نعمه،


(١) مسند أحمد ٤/ ١٣١.
(٢) صحيح مسلم (زكاة حديث ٤٠)
(٣) صحيح مسلم (أيمان حديث ٤١)
(٤) صحيح البخاري (أطعمة باب ٥٥)
(٥) صحيح البخاري (إيمان باب ٢٢) وصحيح مسلم (أيمان حديث ٤٠)

<<  <  ج: ص:  >  >>