وهمزة الاستفهام التي جاءت في هذه الصيغة أول كل آية من هذه الآيات الخمس معناها الإنكار والتوبيخ، ينكر الله تعالى على هؤلاء الناس غير المؤمنين المدلول عليهم بواو الجماعة في قوله تعالى:(يروا) ؛ ينكر عليهم ويوبخهم ألا يروا هذه الآيات رؤية تأمل وتفكر واعتبار، رؤية تقودهم إلى أن الله الذي خلق هذه الأشياء العظيمة الدالة على كمال قدرته وبديع صنعه إله واحد لا شريك له، وأنه وحده المستحق للعبادة.
والإنكار هنا معناه لا ينبغي، وقد يجيء بمعنى النفي المحض، وسوف أنبهك على ذلك في موضعه.
أعود بك الآن إلى هذه الصيغة لأحدثك بما جاء فيها من مفردات:
(يروا) فعل مضارع مجزوم بـ (لم) ، وعلامة جزمه حذف النون، وواو الجماعة فاعل مبني على السكون في محل رفع، والمراد به غير المؤمنين.
والرؤية هنا بصرية؛ ولذلك عديت بـ (إلى) ، ولكنها ليست البصرية المحضة بل البصرية التي يقع بها الاعتبار ويصحبها التأمل والتفكر في أحوال الشيء المرئي.
لعلك قد رأيت هذه الواو التي جاءت بين همزة الاستفهام ولم في (أولم يروا) في الآية الأولى والآية الثالثة والآية الخامسة.
ولعلك قد رأيت أيضا هذه الفاء التي جاءت بين همزة الاستفهام ولم في (أفلم يروا إلى) في الآية الرابعة.
كثيرا ما تأتي هذه الواو وهذه الفاء العاطفتان بعد همزة الاستفهام، وتشاركهما (ثم) على قلة.
ويرى سيبويه وجمهور النحاة [٩] أن الهمزة إذا كانت في جملة معطوفة بالواو أو الفاء أو بثم قدمت على العاطف تنبيها على أصالتها في التصدير وبقي العطف على ما قبل الهمزة، والأصل في (أولم يروا) : وألم يروا والأصل في (أفلم يروا) فألم يروا، بتقديم الواو والفاء على همزة الاستفهام، ثم قدمت همزة الاستفهام لما لها من الصدارة وأخر العاطف؛ فصارت الصيغة (أولم يروا) ، (أفلم يروا) ، وبقي العطف بعد تقديم الهمزة وتأخير العاطف بقي العطف على ما قبل الهمزة.