للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وما أكثر تعابيره المضيئة هنا وهناك، وبينها مثل قوله في العقل والبصيرة: (وإنما شأن العقل كمصباح يلقي بنوره إلى مدى معين ثم تبدأ منطقة من الظلام، لا دليل فيها إلا نور البصيرة، وهدى القلب – ٥٤ -) ، وقوله الآخر في تعريف الزهد الحق بأنه (هو الضن بالحياة أن تضاع في اجتلاب الترف الفارغ - ٥٥ -) ، وما أحكم رده على القائلين بقدم المادة وتطورها طبقا لما يسمونه بالقوانين الجدلية حيث يقول: (من الذي وضع تلك القوانين في المادة؟ وكيف يوجد نظام بلا منظم؟.. ونسوا أن إسقاطهم لقانون السببية وتصورهم لخلق بلا خالق هو إسقاط للعلم كله، وخروج على الفكر العلمي في بداهته الأولى - ١٠٧ -) ، ومن هذا القبيل تسفيهه مدعيات القائلين (إن الدين هو حسن السير والسلوك ومكارم الأخلاق.. وهي مما يهتدي إليه الإنسان بعقله وبالوازع الاجتماعي بدون حاجة إلى دين..) ؛ فلهؤلاء الخراصين يقول: (الدين ليس هو الأخلاق، وإنما هو مرتبة أعلى من الأخلاق.. فإذا كانت الأخلاق وظيفتها تحقيق الانتماء إلى الجماعة الإنسانية على أحسن صورة.. فالدين وظيفته أشمل، وهي تحقيق الانتماء إلى الكون والوجود والله على أفضل وجه - ١٠٨ -) .

ومن البديهيات التي لا تعزب عن مثل الدكتور مصطفى محمود أن لا سبيل إلى توافر هذا الانتماء على وجهه الصحيح إلا بالالتزام التام لمقررات الكتاب المحفوظ وسنة مبلغه المعصوم، وهو مطلب مستحيل التحقيق إذا لم نضرب بكل رأي أو ظن يخالفهما عرض الحائط.. ولو اقتضانا ذلك أن نخسر تطبيل الدجالين وتزمير المهرجين.

والله نسأل لنا وله العصمة من الزلل الوبيل، والهداية إلى أقوم سبيل.


[١] من حديث متفق عليه.