ولقد دفعه اطمئنانه بالإسلام إلى أن يعيش في مهده الأول، ليلمس تطبيقا عمليا، ويقارن بين المجتمع المسلم والمجتمع الأوربي الذي أعرض عن الإسلام ونأى عنه بجانبه، ولينتهي إلى النتيجة التي لا يقوى أحد على إنكارها، وهي أن الإسلام من وجهتيه الروحية والاجتماعية - بالرغم من جميع العقبات التي خلفها تأخر المسلمين - أعظم قوة نَهّاضة بالهمم عرفها البشر.
تلك - في إيجاز - مشاعر وأحاسيس ذلك المستشرق المسلم الذي استضاء بنور الهدى، فأنار له قلبه، وفكره، وحياته، وصدق فيه وفي أمثاله قول الله سبحانه وتعالى:{أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ} . (الزمر آية ٢٢) .
أما أولئك الذين تحجرت قلوبهم، فعموا عن هدى الله وصمّوا، فضلوا وأضلوا، فأظلمت قلوبهم، وأفكارهم، وحياتهم؛ فقد صدق فيهم وفي أمثالهم قول الله تعالى:{فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ أُولَئِكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ}(الزمر آية ٢٢) .
ولماذا لا يلحقهم الويل، ويحيق بهم العذاب؟ إنهم كذبوا الله ونبذوا هديه؛ {فَأَذَاقَهُمُ اللَّهُ الْخِزْيَ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ}(الزمر آية ٢٦) .
فلينتبه أولئك المعرضون عن الله بصفة عامة، والمستشرقون الذين اتخذوا بحثهم في الإسلام تجارة به وحربا له، دون أن يُسلموا، بصفة خاصة، وليحذو حذو مستشرقنا المسلم الأستاذ محمد أسد في صدق الإسلام وإخلاص الدين الحق لله رب العالمين.
ثم ليعد المسلمون إلى الأخذ بدينهم العظيم، وتحكيم نهج الله في كل أمورهم، حتى يعود لهم مجدهم، وعزهم، وأمنهم، وسكينتهم، ولن يصلح هذه الأمة إلا ما أصلح أولها.