وما دام أنه تعالى مصدر حياتنا، فقد لفتنا أن نربط به وحده هذه الحياة، ولا نكل أي أمر من أمورها إلا إليه وحده؛ لأنه هو وحده دائم الحياة، فيدوم تدبيره لأمورنا، فقال تعالى:{وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لا يَمُوتُ}(الفرقان لآية ٥٧) ، ولم يقل (وتوكل على الحي) فقط، لأن المخلوقين أحياء ولكنهم سيموتون، فإذا توكل بعضهم على بعض، تبددت مصالح المتوكلين بموت المتوكل عليهم، لذا علمنا عز وجل أن يكون توكلنا على {الْحَيِّ الَّذِي لا يَمُوتُ} وهو الله وحده سبحانه وتعالى.
وقد ذكر الإمام الشوكاني - رحمه الله - أن الله تعالى أمر رسوله صلى الله عليه وسلم أن يتوكل عليه في دفع المضار وجلب المنافع فقال:{وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لا يَمُوتُ} ، وخص صفة الحياة إشارة إلى أن الحي هو الذي يوثق به في المصالح، ولا حياة على الدوام إلا لله سبحانه، دون الأحياء المنقطعة حياتهم، فإنهم إذا ماتوا ضاع من يتوكل عليهم. والتوكل هو اعتماد القلب على الله في كل الأمور [٥] .
وقد ورد اسم (الحي) في القرآن خمس مرات وذلك على ما يلي:
١- في قوله تعال:{اللَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ}(البقرة آية ٢٥٥) .
٢- وفي قوله تعالى:{الم اللَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ}(آل عمران آية ١، ٢) .
أقول: وقد ورد اسم (الحي) في الآيتين المذكورتين مقترنا باسم (القيوم) بعد إقرار وتجريد توحيد الألوهية لله تعالى سبحانه.