اللازمة الثانية: أن لا يكون سبحانه في محل، فيكون حالا، والحال مفتقر إلى المحل، وإذا كان مفتقرا فلا يكون على الإطلاق قيوما.
اللازمة الثالثة: ما دام أنه سبحانه قيوم، فهو قائم بنفسه، عالم بذاته، وذاته مؤثرة في غيره، وهذا يقتضي علمه بكل الموجودات، فكان قيوما عليها.
اللازمة الرابعة: ما دام أنه سبحانه قيوم على كل ما سواه، فكل ما سواه متقوم به، أي موجود بإيجاده.
اللازمة الخامسة: وما دام أنه سبحانه قيوم بالنسبة إلى كل الممكنات، استند كل الممكنات إليه.
وإذا عرفت هذا، فالقيوم من حيث إنه يدل على تقومه بذاته يدل على وجوده الخاص به، ويدل على استغنائه عن غيره [١٤] .
أقول: يخلص من كلام الرازي أن اسم (القيوم) يعني تفرد الله جل وعلا بذاته وقيوميته على كل ما سواه، بحيث تكون جميعها متقومة به، ومفتقرة افتقارا كاملا دائما إليه سبحانه، فضلا عن أنه متقوما بذاته، وغني غنى كاملا عمن سواه.
وقد ورد اسم (القيوم) في القرآن الكريم ثلاث مرات [١٥] ، على النحو التالي:
١- في قوله تعالى:{اللَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ}(البقرة آية ٢٥٥) .
وقد ذكر الإمام ابن كثير في هذه الآية أن معنى (القيوم) : القيم لغيره، ولا قوم للموجودات بدون أمره [١٦] .
وذكر الإمام الشوكاني في الآية المذكورة أن (القيوم) : القائم على كل نفس بما كسبت، وقيل: القائم بذاته المقيم لغيره. وقيل: القائم بتدبير الخلق وحفظه. وقيل: هو الذي لا ينام. وقيل: الذي لا بديل له [١٧] .
٢- وفي قوله تعالى:{الم اللَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ}(آل عمران آية ١، ٢) .