أقول: وفي هاتين الآيتين نجد أن اسم (العلي) بما يتضمنه من صفة العلو في الذات، والأسماء، والصفات، والأفعال، الأمر الذي يدل على انفراده سبحانه بالكمال المطلق، وقد اقترن باسم (العظيم) بما يتضمنه من صفة العظمة في الذات والأسماء، والصفات، والأفعال، الأمر الذي يدل عل انفراده - سبحانه - بالقدرة المطلقة، اقتران بلغت العقول والقلوب إلى أن الله - عز وجل - في علاه فوق عرشه بما لا يطلع عليه أحد من خلقه في هذه الحياة الدنيا البتة، عظيم عظمة تتضمن القدرة على كل شيء، وتذل أمامها الخلائق فتنصاع صاغرة لعظمة الله (العلي العظيم) ؛ إذ إنه خالق ومالك ما في السموات وما في الأرض.
وقد ورد اسم (العلي) في القرآن الكريم مقترنا باسم (الكبير) خمس مرات [٣١] ، على النحو التالي:
أقول: في هذه الآية سبق الاسمان الكريمان (العلي الكبير) بإقرار قضية التوحيد لعظيم أهميتها، فقررت أن الله تعالى هو الإله الحق الذي لا ينبغي أن تصرف أي عبادة إلا له وحده، إذ إن صرف أي شيء منها، ودعاء غيره سبحانه هو الباطل الذي يجب أن ينأى عنه المسلم، ثم تقرر الآية أن الإله الحق الواجب تجريد العبادة له هو الله العلي الكبير.
ويقول الإمام ابن كثير في تفسير هذه الآية: إن الله هو الإله الذي لا تنبغي العبادة إلا له، وأن كل ما عبد من دونه فهو باطل، لأنه لا يملك ضرا ولا نفعا، وأن الله هو العلي الذي لا أعلى منه، الكبير الذي لا أكبر منه، تعالى وتقدس وتنزه عما يقول الظالمون المعتدون علوا كبيرا [٣٢] .