ويقول الإمام الشوكاني في تفسيرها: أي هو سبحانه ذو الحق؛ فدينه حق، وعبادته حق، ونصره لأوليائه على أعدائه حق، ووعده حق، فهو عز وجل في نفسه وأفعاله وصفاته حق، وأن الذين يدعونه إلها من الأصنام [٣٣] هو الباطل الذي لا ثبوت له، ولا لكونه إلها، وأن الله هو العالي على كل شيء بقدرته، المتقدس على الأشباه والأنداد، المتنزه عما يقول الظالمون من الصفات، وأنه سبحانه ذو الكبرياء، وهو عبارة عن كمال ذاته، وتفرده بالإلهية [٣٤] .
أقول: وما أقوله عن هذه الآية الكريمة من اقتران اسم (العلي) باسم (الكبير) ، ومن تصدر الآية بإقرار توحيد الله وتجريد العبادة له سبحانه، هو ما أقوله في هذه الآية، لتماثلها مع الآية السابقة.
وهنا ترى الاسمين الكريمين (العلي الكبير) سُبقا بما بين الله جل وعلا من أن الملائكة حين يزول فَزَع قلوبهم من سماعهم كلام الله تعالى بالوحي يتساءلون عن قول الله عز وجل، فيقول بعضهم لبعض الحق الذي قال، وأقروا بأن الله هو العلي الكبير، فلا قول بعد قوله سبحانه.
وقد ذكر ابن عباس رضي الله عنهما في تفسير هذه الآية: أنه إذا خلي عن قلوبهم، وزال الفزع عنها، سأل بعضهم: ماذا قال ربكم؟ فيخبر بذلك حملة العرش للذين يلونهم ثم للذين يلونهم لمن تحتهم، حتى ينتهي الخبر إلى أهل السماء الدنيا، ولهذا قال تعالى:{قَالُوا الْحَقَّ} أي أخبروا بما قال من غير زيادة ولا نقصان {وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ}[٣٥] .