للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أقول: وقد سبق اسم (الأعلى) في هذه الآية الكريمة أمر من الله عز وجل أن نسبح اسمه، وهنا يثور التساؤل: هل التسبيح - وهو التنزيه عن كل ما لا يليق - للرب أو لاسمه تعالى؟

ذهب العلماء إلى رأيين:

الأول: أن التسبيح إنما هو للرب جل وعلا، ومن ثم يكون (اسم) مقحما، وفي هذا يقول الإمام الشوكاني: المعنى: سبح ربك الأعلى.

الثاني: أن التسبيح لاسم الرب جل وعلا، ومن ثم فلا يكون (اسم) مقحما، وفي هذا يقول الإمام ابن جرير: المعنى: نزه اسم ربك أن يسمى به أحد سواه. وقيل: المعنى: نزه تسمية ربك وذكرك إياه أن تذكره إلا وأنت خاشع معظم، ولذكره محترم.

وقال الحسن: معنى {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى} صلِّ له. وقيل: المعنى: صلِّ بأسماء الله لا كما يصلي المشركون بالمكاء والتصدية. وقيل: المعنى: ارفع صوتك بذكر ربك.

ثم هناك تساؤل آخر: هل الأعلى صفة للرب أو صفة الاسم؟

ذكر الإمام الشوكاني أنه قيل: إنه صفة للرب، ويرى أن هذا الرأي هو أولى. وقيل: إنه صفة للاسم [٤٦] .

وقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم يحب سورة الأعلى؛ فقد روى الإمام أحمد عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب هذه السورة: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى} ) ، تفرد به أحمد.

كما كان الرسول صلى الله عليه وسلم يقرأ بها في أكثر من مناسبة؛ فقد روى الإمام أحمد عن النعمان بن بشير أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ في العيدين بـ {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى} ، و {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ} ، وإن وافق يوم الجمعة قرأهما جميعا) ، ولفظ الإمام مسلم وأهل السنن: (كان يقرأ في العيدين ويوم الجمعة بـ {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى} ، و {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ} ، وربما اجتمعا في يوم واحد فقرأهما) .