للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فذهب فريق إلى أنها عامة لعباد الله جميعا؛ فالكفر غير مرضي لله سبحانه على كل حال كما هو الظاهر؛ فقد أخرج عبد بن حميد عن قتادة قال: والله ما رضي الله لعبد ضلالة، ولا أمره بها، ولا دعا إليها، ولكن رضي لكم طاعته، وأمركم بها، ونهاكم عن معصيته.

وذهب فريق - منهم ابن عباس رضي الله عنهما، على ما أخرجه عنه ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في الأسماء والصفات في قوله: {وَلا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ} - أنهم عباده المخلصون الذين قال عنهم: {إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ} ؛ فألزمهم شهادة أن لا إله إلا الله وحببها إليهم، وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة أن المعنى: لا يرضى لعباده المسلمين الكفر [٧٤] .

٤- وفي قوله تعالى: {قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَداً سُبْحَانَهُ هُوَ الْغَنِيُّ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ} (يونس آية ٦٨) .

أقول: إن من لديه أدنى ذرة من عقل يعلم يقينا أن الله سبحانه لا يمكن أن يتخذ ولدا، لأن اتخاذ الولد مظهر من مظاهر الحاجة، إذ إن المعهود في الإنسان أنه يتخذ الولد لحاجته إليه ليحمل اسمه ويبقى ذكره بعد موته، وليعينه في حياته إذا عجز أو كبر، وليمده بما يقتات به إذا افتقر، والله تعالى - وله المثل الأعلى - لا يتصور عاقل أن يتخذ له ولدا، لأن اتخاذ الولد دليل على حاجة متخذه إليه، والمحتاج إلى غيره لا يصلح أن يكون إلها، فسبحان الله العلي الكبير أن يحتاج لغيره، فهو (الغني) عن خلقه جميعا، وآية ذلك أنه خالق السموات والأرض وما فيها وما بينهما، ومالك الخلق جميعا ومدبر أمره وحده سبحانه وتعالى.