وقال الإمام الشوكاني في بيان الآية نفسها: أن من جاهد الكفار وجاهد نفسه بالصبر على الطاعات فإنما يجاهد لنفسه، أي ثواب ذلك له لا لغيره، ولا يرجع إلى الله سبحانه من نفع ذلك شيء، فلا يحتاج إلى طاعة العالمين كما لا تضره معاصيهم [٧٢] .
أقول: إن اسمه الكريم (غني) ذكر معه بيان أن عدم توجيه العبادات لله تعالى لعدم الإيمان به لا يضر الله شيئا، بل ضرره على صاحبه لعدم توحيده، ورغم هذا فالله تعالى لا يرضى لعباده أن يكفروا، ولكنه يرضى لهم أن يشكروا.
ويتبين من هذا ومما سبق من الآيات أن الأسماء الحسنى تذكر غالبا مقترنة مع بيان توحيد الله عز وجل، مما يؤكد أهمية توحيد صاحب هذه الأسماء الكريمة.
وقد قال الإمام ابن كثير في بيان هذه الآية الكريمة: إن الله تعالى يخبر عن نفسه تبارك وتعالى أنه الغني عما سواه كما قال موسى عليه السلام: {إِنْ تَكْفُرُوا أَنْتُمْ وَمَنْ فِي الأَرْضِ جَمِيعاً فَإِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ} ، وكما جاء في صحيح مسلم:"يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجل منكم ما نقص ذلك من ملكي شيئ ا"، ومع ذلك فالله لا يحب الكفر لعباده ولا يأمر به، ولكن يحب لهم أن يشكروا ويزيدهم من فضله [٧٣] .
وقال الإمام الشوكاني في بيان الآية ذاتها: إنه تعالى غير محتاج إليكم، ولا إلى إيمانكم، ولا إلى عبادتكم له، فإنه الغني المطلق، ومع كون كفر الكافر لا يضره كما أنه لا ينفعه إيمان المؤمن فهو سبحانه لا يرضى لأحد من عباده الكفر، ولا يحبه، ولا يأمر به.
وقد اختلف المفسرون في قوله تعالى:{وَلا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ} هل هي عامة أم خاصة؟