للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولذا فإن كلمة (مبارك) يوصف بها الماء ويوصف بها الكتاب {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الأَلْبَابِ} ، {وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُبَارَكاً فَأَنْبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ} ، وكلنا يدرك إلى أي حد تنتهي بركة الماء، وإلى أي مدى تمتد بركة هذا الكتاب المنزل على رسوله، وكيف يأتي يوم القيامة شفيعا لأصحابه.

وإذا كانت الأرض الطيبة تقبل الماء فتنبت الكلأ والعشب الكثير؛ فإن النفوس الطيبة - بفضل ربها - تتقبل وحي الله وتؤمن بآياته، فتنبت العمل الطيب وتثمر الخلق الحسن، تحرك بإيمانها وتنبعث بيقينها ويؤازر بعضها بعضا تعبدا لله وطاعة لأمره؛ {كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ} .

والقرآن الكريم يبصر الناس بمقتضيات الإيمان وسبل المؤازرة وغايتها؛ {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} .

واضح أن ولاية المؤمنين لا تقوم إلا على صدق الإيمان بالله وتنفيذ أمره وإقامة شرعه، وبهذا يكون تأييد الله لهم ورحمته بهم.

وهم يعرضون أنفسهم لسخط الله عندما يتخذون الولاية من غير المؤمنين أو يتبعون غير سبيلهم؛ {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيراً} .