للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولابد للجيل الذي يريد أن يفوز وأن ينتصر على هذه الغارة من أعداء الإسلام جميعا أن يحقق أمرين يزيل بهما التباين والتناقض بين أبناء أمته؛ أن يدرك الإسلامَ على فطرته من كتاب الله وسنة رسوله، وأن يكون عالما بطبيعة العصر الذي يعيش فيه وما يسيطر عليه من دوافع وما يتحكم في سلوك أهله من مذاهب، والتقاءُ أبناء الجيل الواحد على فهم مشترك وغاية واحدة يفوِّت على الأعداء مخططهم في إيجاد التباين وتحقيق الفرقة بين أبناء الأمة الواحدة بإيجاد ناس يؤمنون بحضارة المادة وحدها وآخرين يحفظون أوامر الدين حفظا، ثم يعزلون بما حفظوا عن الحياة عزلا.

إن كل جيل مطالب أن يأخذ نفسه بالإسلام في عصره ولا يسأل عن أمة خلت؛ ولا يغني أحد الأمرين عن الآخر: فهم الدين على فطرته وإدراك طبيعة العصر؛ ليكون العمل قائما على أسس متينة وإدراك لما يجب أن يكون.

لأن فهم الدين مع الجهل بطبيعة العصر وأحواله وإعداد القوة الملائمة له يجعل العلاج في غير موضعه، وقد يسيء الإنسان من حيث أراد الإحسان وكذلك إدراك طبيعة العصر مع الجهل بفطرة الإسلام أو التنكر له سيؤدي حتما إلى مجافاة الدين وبغض أهله وعدم التسليم بحكمه.

وقد اعتنق العدو فكرة التباين هذه، وسرت في ديار الإسلام حتى رأينا في كثير من الديار الإسلامية موجات مؤيدة مدعومة تعمل على إبعاد الإسلام عن ساحة الحياة ورميه بكل نقيصة أو تأويله بما يناسب الأهواء ويساير الأطماع.

ولم يوقظ الناس لهذا الخطر إلا ما وقع من مآس ونكبات على يد أصحاب الشعارات التي رميت بها الديار الإسلامية؛ فحققت للأعداء أكثر مما يطمعون وأشاعت من الفرقة والتنازع ما جعل الأعداء يطمعون في كل شيء ولا يبالون من أمر المسلمين بشيء.