والتفريط في وحدة هذه الأمة وترابطها ونصرة بعضها بعضا سيؤدي حتما إلا فتنة في الأرض وفساد كبير، والمسؤولية في ذلك تقع على المسلمين والخسارة عليهم وعلى غيرهم؛ إذ ليس لدى الشرق أو الغرب ما يقدمه للإنصاف والعدل والمذاهب البشرية كلها عاجزة عن ذلك.
والأخوة الإسلامية هي الأساس الذي يقوم عليه بنيان الإسلام في الواقع، بها قام من قبل وبها يقوم من بعد، وهي وحدها موطن المنة في قوله تعالى:{وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} .
آية أجملت جميع الوسائل، وجعلت من شكر نعمة تحقيق نعمة؛ فكانت المعادلة: قرآن تجتمع به القلوب ولا تتفرق يؤدي بفضل الله إلى نعمة الأخوة والإنقاذ من الهلاك، وهي نعمة لا تأتي إلا من الله، وما عند الله لا يطلب إلا بطاعته، والتفرق والاختلاف بعد مجيء الآيات يفضي إلى العذاب.