ولابد يوما أن يزول هذا الشباب، وأن يندم صاحبه على ما فرط في أيامه، وعندئذ يتمثل قول أبي العتاهية:
بكيت على الشاب بدمع عيني
فلم يغن البكاء ولا النحيب
فيا أسفا أسفت على شباب
نعاه الشيب والرأس الخضيب
عريت من الشباب وكان غضا
كما يعرى من الورق القضيب
فياليت الشباب يعود يوما
لأخبره بما فعل المشيب
هذه هي حقيقة الشباب، فما هو واجبه؟
٣ـ واجب الشباب:
إن من أولى واجبات الشباب أن يحافظوا على هذا الشباب وأن يستفيدوا من هذا الشباب لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "اغتنم خمسا قبل خمس شبابك قبل هرمك ... "[١] .
وأن يعرفوا ما هي قيمة الشباب وما هو أثره في كيان الأمة وليس للشباب أن يلهو في وقت الجد وليس له أن يتقاعس عن العظائم في كل الأمور وليس له أن يتواكل أو يتردد أو يسوف وإنما هي العزيمة والإقدام والعمل، لأنها من طبيعة الشباب إن للشباب مثلا أعلى تتوق إلى تحقيقه نفوسهم فيجب أن لا تقصر هممهم عن السعي إليه، ونفوس الشباب تواقة إلى المجد، وإلى إحراز البطولات وتحقيق العظائم العلمية في شتى الميادين الاجتماعية والثقافية والعسكرية والفنية والاقتصادية.
إن المثل الأعلى للشباب أن يكونوا رواد هذه الأمة في شتى العلوم والمعارف وأن لا يرضوا لأنفسهم ولأمتهم دون الثريا مقعدا وهذا لا يتحقق لهم إلا إذا تخلقوا بالأخلاق الحميدة والعزيمة الصادقة والإرادة الفولاذية، والصبر الطويل والعمل الدائب.
وإن الأمور الحسنة لا تخفى على ذي عين بصيرة، لذلك فإن من واجب الشباب أن يقبلوا من أنفسهم أو من غيرهم أو من محيطهم إلا ما هو صالح ونافع وجميل.
إن التعاون على تأييد الحق ونصرته والأخذ على يد الظالم هو من طبيعة الشباب لأن الشباب لم تتركز فيه الرذائل والمفاسد فهو لا يزال في طهره ونقائه وكل ما لا يتفق وفطرته السليمة أمر منكر ومكروه.