ومنها أن الإسلام قد جاء بدعوة تدعو إلى إعمال العقل والتفكير في ملكوت الله وخلق الإنسان؛ ليصل بذلك إلى الإيمان بالله وقدرته وإبداعه ووحدانيته، وتدرج في هذا الخطاب بما يناسب عقلية العرب وتصوراتهم والمحسات المتعلقة بحياتهم؛ {أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الأِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ وَإِلَى الأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ}[١٩] ، {فَلْيَنْظُرِ الأِنْسَانُ إِلَى طَعَامِهِ أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاءَ صَبّاً ثُمَّ شَقَقْنَا الأَرْضَ شَقّاً، فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حَبّاً وَعِنَباً وَقَضْباً وَزَيْتُوناً وَنَخْلاً وَحَدَائِقَ غُلْباً وَفَاكِهَةً وَأَبّاً مَتَاعاً لَكُمْ وَلأَنْعَامِكُمْ}[٢٠] .
فكانت هذه الآيات ومثيلاتها في القرآن بواعث على إعمال العقل والنظر في الكون والتأمل فيه، مما وجه إلى أهمية التعليم كوسيلة إلى المعرفة، وارتفع المستوى العقلي في ذلك المجتمع، وزادت الثقافة والمعرفة من القرآن، مما زاد في نفوسهم حب العلم والتطلع إليه.
يقول ابن سعد في طبقاته - عن مسروق من التابعين -: (شاممت أصحاب رسول الله فوجدت علمهم انتهى إلى ستة: إلى عمر وعلي وعبد الله ومعاذ وأبي الدرداء وزيد بن ثابت) .