أولهما عقب تشريع حد السرقة، وتسلية الرسول صلى الله عليه وسلم عن حزنه من الذين يسارعون في الكفر من المنافقين واليهود، ثم جاء وصفهم بأكل السحت عاشر عشرة صفات ذميمة في قوله تعالى:{سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ} .
وثانيهما موجه فيه الخطاب صريحا إلى أهل الكتاب، وهو أظهر في اليهود لمجيء صفاتهم الكاشفة بعد النداء، وذلك في قوله تعالى:{قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ هَلْ تَنْقِمُونَ مِنَّا إِلا أَنْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا..} الآية، وبعدها:{قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ..} إلى آخر الآية في نفس السياق.
{وَتَرَى كَثِيراً مِنْهُمْ يُسَارِعُونَ فِي الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} ، ثم نحا باللائمة على الربانيين والأحبار منهم في عدم النهي عن ذلك وخاصة السحت بقوله:{لَوْلا يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ عَنْ قَوْلِهِمُ الإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَصْنَعُونَ} .
وفي هذا الموطن أيضا جاء وصفهم بأكل السحت عاشر عشرة صفات غاية في المذمة.
وبدراسة هذه النصوص في تلك المواضع الثلاثة بالتفصيل ستجد حقيقة معنى الرشوة ومعنى السحت وموضوع كل منهما، وبالتالي خطورة وجودهما ومدى تحذير القرآن الكريم منهما، وبأي صورة صوَّر القرآن مَن يتعاطى شيئا مِن ذلك.