ولكن المحققين من علماء اللغة ينفون الترادف في اللغة العربية، ويقولون إن الترادف بمعنى وجود عدة صفات للمسمى، وكل لفظ يكون ملحوظا فيه بعض تلك الأوصاف؛ كالسيف مثلا للجنس، مميزا له عن السكين وأنواع السلاح الأخرى، والمهند يراعى جودة صنعه مثل المصنوع في الهند فعلا، والصمصام يراعى فيه نوع حديده ومعدنه وهكذا.
وقد أيد شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ذلك، ومثّل له في قوله تعالى:{يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاءُ مَوْراً} ؛ فقال: يقول العلماء (المور) الحركة من قبيل الترادف، ولكن المور فيه معنى زائد على مطلق الحركة، ألا وهو كونها بسرعة، فالمور الحركة بسرعة.
وعليه يمكن أن يقال هنا إن الرشوة والسحت يجتمعان ويقترقان.
يجتمعان حينما يكون العمل محرما من الجانبين الراشي والمرتشي، فهو رشوة في حقهما، كما في الحديث:"لعن الله الراشي والمرتشي"، على ما سيأتي الكلام عليه فيما بعد إن شاء الله، وهو سحت في حق المرتشي يأكله سحتا.
وينفرد السحت حينما يكون العمل محرما من جانب واحد، وهو جانب الأخذ فقط؛ فيأكله فيأكل ما أخذه سحتا، والله أعلم.
الرشوة في القرآن الكريم:
مأخذ النصوص على الرشوة في القرآن عند العلماء في ثلاثة مواضع:
الموضع الأول: في سورة البقرة في أعقاب تشريع الصيام وقبل الفراغ منه، وذلك في قوله تعالى:{وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقاً مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} .
والنص هنا على وضوحه فهو عام في النهي عن أكل الأموال بالباطل بأي صفة كانت، وخاص في الإدلاء بها إلى الحكام لأكل فريق من أموال الناس بالإثم، وهذا النص أقرب موضوعية إلى الرشوة ولارتباط الرشوة بالرشاء في معنى الإدلاء بها على ما سيأتي إيضاحه إن شاء الله.