ولن يدخل في هذا الخيال ما اشتملت عليه هذه الأساليب من تشبيهات وتراكيب بلاغية لأن هذه وإن احتوت على ضروب من التصويرات فإنما هي لتقريب المعنى وإبرازه في صورة المحسوس، وكشفه، وتوضيحه وإظهار الحقيقة دون زيادة أو نقصان ودون أي معنى خرافي أو أسطوري. لأن كلام الله عز وجل متنزه عن ذلك {وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلاً قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ غَفُوراً رَحِيماً}(الفرقان آية ٥-٦) . وهي أساليب هداية حقيقية تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، وتدعو إلى المثل العليا والحياة الطيبة في أسمى صورها وغاياتها، إنها شفاء للناس، ورحمة للعالمين. {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ ... }(الإسراء آية ٩) . {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ..}(الإسراء آية ٨٢) .
وليست كأساليب المنافقين، والمبشرين، والمستشرقين.. التي تقدم للناس في صور ظاهرها فيه رحمة وباطنها من قبله العذاب، ظاهرها تعليم، وتطبيب، وبر وإحسان، وباطنها هدم، وكيد، وحرب للإسلام، وليست كأساليب الشيوعية والاستعمار، تنادي بالحريات، وتدافع عن الفقراء وتشيد بالإنسان وتخفي وراءها الدمار والغصب، وسفك الدماء، واحتلال الأوطان، ونهب خيراتها والقضاء على معتقداتها، ومسخ الإنسان آلة لا إرادة لها، وتحقيره، ووأد حريته ... ليعيش عيشة الذل والفقر والهمجية.