بعد ذلك أعرض حديثاً بعنوان "نظرة في أسفار العهد الجديد"يسمح لكل قارئ مهما كانت ثقافته أن يطلع بنفسه على حقيقة ما في هذه الأسفار، وعلى الأسباب التي جعلت كثيراً من علماء المسيحية يقررون ما سبق أن عرضناه عند الحديث عن أسفار العهد الجديد، وبهذا تكتمل الصورة اليقينية لكل باحث عن الحقيقة، ومن حقه أن يطلب ذلك، وأن لسان حال الإنسان الصادق مع نفسه دائماً يقول: أريد أن أعرف، وأن أتدبر، وأن أتحقق، ليطمئن قلبي.
إذن أيها السادة: النقاط المختصرة التي سأقرأها حالياً لا تمثل كلام مسلم في المسيحية، إنما تمثل خلاصة كلام علماء المسيحية، أما حديث المسلم فيكون في النهاية حين نصل إلى تعليق أو توضيح أو رأي.
"إن المسيحيين الأوائل لم يكونوا يعتقدون أن كتبهم المقدسة تكون عهداً جديداً يتميز عن العهد القديم، وعندما ظهرت أولى الكتابات المسيحية فقد كان يُنظر إليها جميعاً باعتبارها إضافات أو ملحقاً لأسفار الناموس والأنبياء، وكانت تقرأ أسبوعياً في المعبد اليهودي والكنيسة المسيحية.
إن العهد الجديد كتاب غير متجانس، ذلك أنه شتات مجمع فهو لا يمثل وجهة نظر واحدة تسوده من أوله إلى آخره، لكنه في الواقع يمثل وجهات نظر مختلفة. في فترة المائة والخمسين عاماً الأخيرة تحقق العلماء من أن الأناجيل الثلاثة الأولى تختلف عن إنجيل يوحنا أسلوباً ومضموناً. إن إنجيل يوحنا يختلف اختلافاً بيناً عن الثلاثة المتشابهة الأولى، فهو لا يذكر أي شيء عن رواية الميلاد، وبالنسبة للروايات الأخرى فإنه توجد اختلافات في الزمان والمكان، إذا قورنت بنظيرتها في الأناجيل المتشابهة، إن التاريخ المضبوط الذي تحددت فيه قانونية أسفار العهد الجديد غير مؤكد"، هذه فقرات من كتاب "برايتي"وهو ألماني.